رحلة الخلود للقائد الاستثنائي، وصانع الانتصارات الجنوبية:الشهيد القائد / عمار علي محسن أبو علي
هناك رجال لا تنساهم الأرض، ولا تغيب مآثرهم عن الذاكرة، يُولدون من رحم الوطن، وينذرون أعمارهم لقضاياه، ويحملون أرواحهم على أكفّهم في سبيل عزّته وكرامته. وإننا حين نكتب عن القائد عمار أبو علي، فإننا لا نكتب سيرة شهيد فحسب، بل ندوّن تاريخ مرحلة، ونرسم ملامح رجل اجتمع فيه المجد من أطرافه، فكان فارس الجنوب، وصوت الميدان، ورمز الشجاعة والعنفوان.
لقد كان الشهيد عمار أبو علي رجلاً يسبق عصره، رجل أفعال لا أقوال، وقائدًا لا يعرف التراجع، لا في ميادين القتال، ولا في ميادين الحق. سكن الضالع قلبًا وقالبًا، وجعل من الجنوب هويته ومصيره، وقدره الذي ارتضاه لنفسه حتى الشهادة. عرفته عن قرب، وكان لي الشرف أن أكون شاهدًا على طهر قلبه، ونقاء نواياه، وصلابة مواقفه. فقد كان مدرسة في الإخلاص، ونموذجًا للقائد الذي لا يعرف إلا الميدان، ولا يتحدث إلا بلغة الفعل
من الثورة إلى الريادة:
منذ انطلاق الثورة الجنوبية في عام 2007م، كان أبو علي من أوائل من لبّى نداء الكرامة، وكان له السبق في تأسيس الحراك الجنوبي. شكّل مع رفاقه اللبنة الأولى لمشروع تحرري وطني لم يكن مجرد احتجاج، بل رؤية نضالية متكاملة. وكان من أبرز الأصوات التي وجّهت الحراك نحو أهدافه الكبرى، رافضًا الانكسار، ومتمسكًا بالثوابت الوطنية حتى النفس الأخير.
العام 2015: التحول الكبير وبزوغ نجم القائد العسكري:
عندما أطلقت عاصفة الحزم لمواجهة المدّ الحوثي الإيراني، برز اسم القائد أبو علي كرمز للبسالة. تم تكليفه بقيادة أحد أهم فصائل المقاومة الشعبية في الضالع، فسطّر بانتصاراته ملحمة جنوبية ميدانية خالدة. قاد معركة تحرير الضالع بحنكة وتكتيك استثنائي، ثم توسعت مهامه إلى جبهات عدن، العند، الحديدة، شبوة، وأبين، حيث أثبت جدارته قائدًا نادرًا في زمن التخاذل.
اللواء 12 عمالقة: أيقونة القوة:
كُلّف بتأسيس وقيادة اللواء 12 عمالقة من قِبل قيادة التحالف العربي، فحوّله إلى لواء يُضرب به المثل في الانضباط والشجاعة والقوة. لم يكن قائدًا فحسب، بل عقلًا استراتيجياً يعرف كيف يصنع النصر، ويزرع الثقة في نفوس مقاتلية
أمن الضالع.. مهمة الشرف الثانية:
بعد ميادين القتال، خاض أبو علي معركة أخرى: معركة استعادة هيبة الدولة في الضالع. حارب التقطعات، والبلطجة، والاغتيالات، وتجارة المخدرات. بفضل جهوده تأسست قوات طوارئ اللجنة الأمنية التي فرضت النظام وبسطت الاستقرار.
القائد الإنسان.. القائد الرمز:
ما ميّز الشهيد أبو علي ليس فقط بطولاته العسكرية، بل إنسانيته النادرة. كان قريبًا من الناس، يسمعهم، يشاركهم أحزانهم وأفراحهم، متواضعًا في تعامله، عظيمًا في مواقفه. وترك خلفه رجالاً يسيرون على دربه، كالقائد الشجاع معاذ علي صالح أبو عميد، الذي حمل رايته، وأثبت أن الأرواح العظيمة لا تموت
نداء للقيادة:
وهنا، ومن منبر الوفاء لدماء الشهداء، نوجّه نداءً صادقًا إلى قيادتنا الجنوبية في عموم الوطن، وخاصة في محافظة الضالع:
كونوا على درب القائد أبو علي، وسيروا على نهجه الذي ارتوى بدماء الطهر والبطولة. لا تجعلوا من مواقعكم سلّمًا لمصالح شخصية، أو وسيلة لحسابات ضيقة. فالقائد الشهيد لم يكن يومًا يبحث عن سلطة، ولا جاه، بل عن وطنٍ عزيز وكرامة محفوظة لشعبه. وإن أعظم تكريم له هو أن تُترجم مبادئه إلى أفعال، وأن يُجسّد فكره في قراراتكم، وأن تتوحد كلمتكم كما أراد
الختام:
رحمك الله يا أبا علي، وأسكنك فسيح جناته، فقد كنت القائد الذي لا يُنسى، والراية التي لا تسقط، والاسم الذي سيظل محفورًا في كل جدار من جدران التاريخ الجنوبي.
المجد والخلود للشهداء، والرحمة لروحك الطاهرة أيها القائد العظيم.