‏عدن والظلم المركب... من الاحتجاجات النسائية إلى لحظة الانفجار الشعبي

‏عدن والظلم المركب... من الاحتجاجات النسائية إلى لحظة الانفجار الشعبي

كتب |سيف الحاضري

التظاهرة النسائية في العاصمة المؤقتة عدن ليست مجرد احتجاج عابر على انقطاع الكهرباء والماء أو انهيار العملة وارتفاع الأسعار وانقطاع الرواتب كما يقرأها البعض بسطحية، بل تحمل أبعادًا سياسية وحقوقية عميقة تعكس تراكمًا هائلًا لحالة الغضب الشعبي ورفض الاستسلام للأمر الواقع.

إن الوصول إلى مرحلة خروج النساء للاحتجاج في مدينة تعاني من انعدام الأمن وتحكمها سلطة الأمر الواقع بقوة السلاح وتغيب عنها الدولة بمؤسساتها، هو تحول نوعي في مسار الرفض الشعبي. لم يعد كافيًا أن يقطع الشباب الشوارع ويحرقوا الإطارات، بل باتت النساء في عدن في صدارة الفعل الشعبي، وهو ما يمثل نقلة نوعية في التعبير عن رفض القهر بكل أشكاله.

إن هذا الحراك النسوي لم يكن سوى نتيجة منطقية لحالة الانهيار العام للخدمات وفي مقدمتها الكهرباء. ومع أنه يجري تحت سلطة المجلس الانتقالي بغطاء الحكومة الشرعية، فإن هذه الشراكة باتت تُستخدم لشرعنة واقع الظلم والكبت الذي يعاني منه المواطنون في العاصمة عدن وسائر المحافظات المحررة.

انقطاع الكهرباء عن العاصمة عدن وباقي المحافظات لم يعد مجرد خلل خدماتي، بل أصبح صورة صارخة من صور الظلم السياسي والاجتماعي، إذ يعيش مسؤولو الشرعية والانتقالي في رغد الكهرباء داخل الفنادق والفلل الفاخرة، بينما يُترك المواطن للمعاناة.

ويتجلى النفاق السياسي حين يخرج مسؤولو الدولة من تحت مكيفات الفنادق في الرياض والقاهرة وإسطنبول ليتحدثوا عن تفهمهم لمعاناة المرأة العدنية. هذا الخطاب يعكس عمق الفجوة بين من يحكمون ومن يعيشون الألم اليومي.

وقد دشنت المرأة العدنية مرحلة جديدة في رفض هذا الواقع، ليس فقط بالخروج إلى الشارع، بل برفع شعار سياسي واضح "لا شرعية ولا انتقالي"، في رسالة صريحة للطرفين بأنهما أصبحا شريكين في معاناة ابناء عدن والمحافظات المحررة 

صورة أخرى من صور الظلم تمثلت في عدم تسوية رواتب موظفي القطاع العام المدني والعسكري، حيث يتقاضى موظفو الحكومة في الخارج رواتبهم بالعملة الصعبة بما يعادل 250 إلى 500 ضعف ما يتقاضاه الجندي أو الموظف داخل اليمن، وهذا بحد ذاته إهانة وعدوان على كرامة اليمنيين.

أما الجرحى، فإن إهمالهم إلى حد تعفن الجراح وبتر الأطراف وغياب العلاج، يمثل ذروة الجريمة الأخلاقية، بينما تُصرف الملايين من الدولارات على بدل السفر والإيجارات الخارجية. إنه مشهد من أقسى مشاهد الظلم الذي يستوجب على الحكومة ومجلس القيادة معالجته فورًا.

ومع نظرة شمولية إلى الوضع في اليمن، فإن أعلى مراتب الظلم هو أن تكون مكونات الشرعية والمجلس الانتقالي شريكًا موضوعيًا في إطالة عمر الانقلاب الحوثي، وتكريس النفوذ الإيراني، عبر سياسات التواطؤ والتهاون والانقسام.

إن حالة الغضب الشعبي بلغت ذروتها، وقد تجاوزت عتبة الصبر. لم يعد بإمكان أحد أن يتنبأ بما قد ينتج عنها من انفجار شعبي أو عصيان مدني واسع.

لم تعد الأزمة أزمة خدمات فقط، بل أزمة شرعية وعدالة وكرامة. المطلوب اليوم من مجلس القيادة والحكومة ليس مجرد خطاب أو وعود، بل قرارات فعلية تبدأ بإعادة ترتيب الداخل، وتحقيق العدالة في الرواتب،وخاصة رواتب الجنود واسر الشهداء والعناية بالجرحى، وإعادة تشغيل مؤسسات الدولة، وقبل كل ذلك، إطلاق معركة الحسم العسكري، فبدون الحسم لن تكون هناك شرعية ولا خدمات ولا استقرار .. ان كنتم تعقلون ومازال فيكم رجلا رشيد!! 

‎#سيف_الحاضري