شرطي البحر الأحمر عبد الملك الحو,,ثي: من كهف مران إلى شرطة الملاحة الدولية!...
طبعا في تطور درامي لا يحسده عليه سوى الأفلام الهندية، خرج عبد الملك الحوثي أخيرا من كهف مران، لا ليرى النور، بل ليتحول إلى "شرطي البحر الأحمر". نعم، شرطي! وليس هذا فحسب، بل يُعلن بتعال وكأن البحارة في السويس وعدن وجيبوتي ينتظرون تعليماته بفارغ الصبر، متأهبين لأي غارة إيمانية تطلقها طائراته الورقية.
نعم: عبد الملك ال...حوثي، الذي بالكاد يستطيع إدارة ميليشياته في أزقة صنعاء، قرر فجأة أن يكون قائدا بحريا أمميا، مسؤولا عن سلامة الملاحة الدولية، وقاهرا للإمبريالية، ومحاربا للهيمنة الأمريكية، بينما في الواقع، لا يملك حتى زورقا واحدا صالحا للإبحار دون أن يتسرب منه الماء.
صدقوني إن الرجل الذي لا يمتلك هيئة رسمية معترف بها دوليا، والذي لا تزال صورته الوحيدة المتداولة لا تتجاوز محيط لحيته وسلاحه الروسي المتهالك، يقف اليوم ليحاضر الأمم في القوانين البحرية الدولية، ويتوعد السفن التجارية التي تمر من البحر الأحمر، وكأن البحر الأحمر صار حمام داره.
بل ومن المثير للسخرية، أن عبد الملك ال...حوثي لا يدرك أن العالم يضحك، ليس فقط من غرابة المشهد، بل من الوقاحة التي بلغت درجة جعلت من قائد ميليشيا مذهبية طائفية – تمارس الخطف وتجنيد الأطفال وتنهب المساعدات – يزعم حماية المضطهدين ويجعل من البحر الأحمر مسرحا لبطولاته الدونكيشوتية.
والشاهد إن تصريحات الحوثي تشبه إلى حد كبير تصريحات دكتاتور أفريقي مغمور في السبعينيات: ضجيج عظيم، دون أي أثر يُذكر، سوى المآسي. هو يريد أن يحمي "الشعب الفلسطيني"، وهو ذاته الذي أرسل مقاتليه لذبح الشعب اليمني في كل شبر من البلاد. وهو يتحدث عن "السيادة"، بينما يأتمر بأوامر الحرس الثوري الإيراني، ويتلقى التعليمات من قم وطهران في كل صغيرة وكبيرة، حتى في مواعيد الإفطار والسحور.
على إن البحر الأحمر، الذي شكل عبر التاريخ أحد أعظم شرايين التجارة العالمية، تحول في رواية الح..وثي إلى خندق جهادي، تتقافز فيه صواريخه الخائبة، وتتعطل فيه ناقلات العالم بفتاوى دينية مشبوهة ومؤتمرات صحفية تبث من الكهوف.
والمفارقة أن من يزعم حماية "الحقوق" و"الحرية"، هو من صادر الحياة اليومية لأبناء اليمن، ومنع الغناء، وأغلق المدارس، وحول الأعراس إلى مآتم طائفية.
بمعنى أدق فإن السخرية لا تنتهي هنا، إذ يُطالب الحوثي العالم باحترام "الخصوصية اليمنية"، بينما هو أول من داس على هذه الخصوصية، بتهجينه للقيم الاجتماعية وتحويله البلاد إلى نموذج مشوه من ولاية الفقيه، وزرعه للفتن، وتحويله اليمن السعيد إلى دولة مقابر ومقاطع مرثيات.
فأي "شرطي" هذا الذي لا يعرف كيف يكتب جملة واحدة من دون أخطاء، ويعتبر أن المساعدات الغذائية "غنائم حرب"؟ وأي "حامي للبحر الأحمر" هذا الذي يخاف أن يظهر على الهواء مباشرة، ويختبئ خلف شاشات خضراء وخطابات مملة عن علامات الساعة؟
والحق يقال إنها واحدة من أعظم المسرحيات السوداء في تاريخ العرب الحديث. شرطي البحر الأحمر عبد الملك الح..وثي لا يملك من أدوات الشرطة إلا الصفارة المكسورة والدعاء على الغزاة في خطب الجمعة. بل لقد تحول البحر الأحمر، في ذهنه، إلى بحيرة مغلقة تدور فيها معركة أسطورية لا وجود لها إلا في مخيلته.
لكن العالم ليس ساذجا. والإرهاب لا يليق به زي الشرطة. والبحر الأحمر، بكل زخمه وعمقه، لا يمكن أن يُختصر في أمنيات مريض بالسلطة، يحاول أن يُخفي فشله الداخلي في إدارة المناطق التي يحتلها، بخلق بطولات وهمية في المياه الدولية.
لنخلص إلى أن، ليس عبد الملك الحوثي شرطيا للبحر الأحمر، بل مجرد قُرصان ردائه عمامة، وسفينته من كرتون، ووجهته مزبلة التاريخ، هناك حيث ينتهي كل من توهم أنه أكبر من اليمن.!..