صمودكم كتبَ التاريخ وصنعاء قريبة

صمودكم كتبَ التاريخ وصنعاء قريبة

كتب | محمد العياشي alayashi2017@

عقدٌ من الزمان مرّ منذ اجتياح تلك المليشيات الإرهابية لصنعاء الحبيبة عام 2014، فهاجرتم مضطرين لا مختارين، تاركين خلفكم بيوتًا وذكرياتٍ وأحبابًا، لا لذنبٍ اقترفتموه، سوى أنكم قلتم: لا للظلم، لا للرجعية، لا للمليشيات.

جئتم مأرب، أرضَ الصمود والانتصار، فتحملتكم أرضُها، وصبرت معكم جبالُها وصحاريها، فكنتم فيها صابرين مصابرين، مجاهدين محتسبين، وما وهنتم، وما ضعفتم، وما بدلتم تبديلاً.

عرفتم في مأرب إخوةً لكم من مختلف محافظات اليمن، جمعتكم المحنة، وربطتكم المعاناة، فكانت المؤاخاة، ونِعمَ الأخوّة والوفاء، فعاش الجميع على قلب رجلٍ واحد، وقبلةٍ واحدة: صنعاء.

ذقتم مرارةَ الغربة، ووجعَ الفقد، وودّعتم من أحببتم في البلاد، من الأهل والاصدقاء من ودّع الدنيا على أمل اللقاء في جنة الخلد، حرمتنا المليشيات من زيارتهم، وآخرون هنا في مأرب ارتقَوا شهداءَ عند ربهم يُرزقون.

نعم، فقدناهم، ولكنهم رسموا لنا الطريق بدمائهم، وهم وقود المعركة الأبدية: معركة الوجود، نكون أو لا نكون.

واليوم... أيها العظماء، بشائر النصر تُحلّق في الأفق، وصنعاء تقترب أكثر من أي وقتٍ مضى. النصر قريبٌ بإذن الله، شهورٌ قليلة، وربما أسابيعُ معدودة، فاصبروا واثبتوا، وكونوا كما عهدناكم، أوفياءَ أوفياء...

فلتكن الهمّةُ عالية، والمعنوياتُ مرتفعة، وليرتفع شعاركم في كل خيمةٍ ومنزل: "النصر أو النصر".

كونوا عيونًا للوطن، فالحسُّ الأمنيُّ سلاحكم، والوعيُ درعكم، والزَّنادُ بانتظار أمرِ العودة. جهّزوا أرواحَكم، وأسلحتكم، ومبادئكم... قبلتكم صنعاء، والفتحُ قريب.

ولا تنسَوا أن تتسامحوا، فاليوم وقتُ الشدّ لا الفرقة، وقتُ اللُّحمة لا الخلاف. روابطُكم الأخوية هي خطُّ الدفاعِ الأول، فكونوا بنيانًا مرصوصًا، وإنها – بإذن الله – أيامٌ وتمضي، وتعودون إلى بيوتكم، وتُطوَى صفحةُ النزوح والشتات.

شكرًا مأرب، شكرًا لرجالها ونسائها، لقبائلها وأوديتها، لكل من استقبلنا، وحمل معنا الهمَّ والمحنة، فلكم في القلب وفاءٌ، وفي الدعاء نصيبٌ.

نعم، نعود إلى صنعاء، وقد فقدنا آباءً وأجدادًا وأصدقاءَ، لكنهم حاضرون في أرواحنا، وهم أولُ من سيشعر بفرحة النصر. نعود دونهم، لكن على دربهم، وبأحلامهم، وبأمانتهم.

قريبًا، بإذن الله، نصل صنعاء، نُصلّي صلاةَ الفتح، نرفع رايةَ اليمن عاليةً، ونهتف: "الله أكبر، ولله الحمد".

ومن أجل الله، يهون كلُّ شيء.