إلى متى سنسكت على جوع الأطفال؟! أين أنتم أيها المسؤولون؟!

اليوم، وأنا في طريقي إلى المستشفى حيث ترقد أمي المريضة، سمعت صوتًا مزق سكون الشارع... صوت طفل صغير يصرخ بألم: "أنا جائع!" توقفت الدنيا من حولي، تجمدت أنفاسي، وشعرت أن قلبي قد انقبض حتى كاد يتوقف. كيف لطفل أن يصرخ بهذه الحرقة؟! أي حياة هذه التي تجعل البراءة تستجدي لقمة تسد رمقها؟!

توقفت بلا تردد، دخلت أقرب بقالة، وبما تبقى معي من مال—وهو ما كنت أحتفظ به لعلاج أمي—اشتريت له بسكويتًا وعصيرًا. لم يكن كثيرًا، لكنه كل ما استطعت تقديمه. اقتربت من الطفل، ناولته الطعام، فاختطفه بيدين صغيرتين مرتعشتين من الجوع، وكأن الحياة قد عادت إليه من جديد. وقفت والدته تنظر إليّ بعينين غارقتين في الألم، وقالت بصوت منهك: "جزاك الله خيرًا".

عدت إلى السيارة، لكنني لم أعد كما كنت. دموعي كانت على وشك الانهمار، وداخلي يغلي بأسئلة لا إجابة لها: هل وصلنا إلى هذه المرحلة؟ مرحلة أن يجوع الأطفال في الشوارع، ويصرخوا طلبًا للغذاء؟! هل أصبح الجوع قدر هذا الشعب؟ هل بات الفقر والحاجة عقوبة جماعية لا مفر منها؟!

أي قلب يحتمل أن يرى أبٌ ابنه يتضور جوعًا أمامه، ولا يملك أن يطعمه؟ أي قهر هذا الذي يحني ظهر الرجال ويقتلهم وهم أحياء؟! من أوصلنا إلى هنا؟ ومن يريد لنا أن نبقى هكذا؟ ولماذا؟!

نحن لا نتحدث عن رفاهية، لا عن كماليات، ولا عن أحلام زائدة.. نحن نتحدث عن لقمة عيش! عن أبسط حقوق الإنسان! عن شيء لا يجب أن يكون موضع سؤال أصلًا!

**إلى متى سنبقى صامتين؟! إلى متى سنغض الطرف عن معاناة إخواننا وأطفالنا؟! إلى متى ستستمر هذه المأساة التي لا تُطاق؟!**

**أين القيادة؟ أين المسؤولون؟ أين أصحاب القرار؟!**  

هل يعيشون في عالم آخر لا يرون فيه دموع الأطفال ولا آلام الآباء؟! هل هم غافلون عن معاناة الشعب، أم أنهم ببساطة لا يهتمون؟!  

من المسؤول عن هذا الوضع المأساوي؟ من الذي سمح بوصولنا إلى هذا الحال؟! من الذي يتحمل وزر جوع الأطفال وضياع الأحلام؟!

**يا من تتحملون مسؤولية هذه الأمة، اسمعوا صرخات الجياع، انظروا إلى دموع المظلومين، وافتحوا أعينكم على الواقع المرير الذي تعيشه شعوبكم!**  

ليست القضية قضية أرقام وإحصائيات، بل هي قضية إنسانية بحتة. قضية أطفال يبكون، وآباء يائسون، وأمهات يصرخن من الألم. هل هذا هو المستقبل الذي نريده لأبنائنا؟! هل هذه هي الحياة التي نستحقها؟!

**يا الله، الطف بعبادك، فارحم ضعفهم، وفرّج كربهم، وانتصر للمظلومين.. فقد وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها للإنسانية معنى، ولم يعد فيها للرحمة مكان!**

---

**#الإنسانية_أولاً #حقوق_الإنسان #الجوع_ليس_خياراً #فرج_كرب_المحتاجين #المسؤولية_الجماعية #أين_القيادة**

**جلال باشافعي**  

ناشط نقابي وسياسي جنوبي