سروال الحشمة في خطر
في مشهد سريالي يصلح لأن يكون جزءًا من فيلم تراجيدي رديء، شهد أحد المولات حادثة فريدة من نوعها، حيث قرر أحد رجال مكافحة المخدرات أن يقضي وقت فراغه لتتبع زلات الناس بين الموعظة الحسنة والتذكير بالفرق بين سروال الحشمة وسروال الفاحشة.
فبدلًا من ملاحقة تجار السموم ومهربي الكيف، وجد هذا القائد الهمام ضالته في رجل مصري مسكين كانت "جريمة" زوجته أنها لم ترتدِ ما يراه سعادته "محتشمًا" منه ما يخدش حياء العيون الساهرة؟
لا نعلم هل هذا المسؤول العظيم لديه صلاحيات مزدوجة؟ هل هو رجل أمن أم "رجل دين"؟ أم أن جهاز مكافحة المخدرات قرر توسيع نشاطه ليشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ما علاقتك أنت يا حضرة القائد بما ترتديه النساء؟
هل خُصص لك جهاز كشف إلكتروني لقياس مستوى الاحتشام؟ أم أن لديك قائمة بأطوال المسموح والممنوع؟ وهل ستتحول المولات إلى نقاط تفتيش أخلاقية، حيث يخضع الجميع لكود لباس إجباري تحت إشراف رجال مكافحة "الأذواق"؟
يا ترى، كيف كانت ردة فعل الرجل المصري؟ هل استوعب أنه في "دولة بوليسية للدواعش" حيث يتم استجوابه عن ملابس زوجته بدلًا من جواز سفره؟ أم أنه كان ينتظر من القائد أن يضع له قائمة بـ "الممنوع والمسموح" قبل أن تطأ قدميه هذا البلد المنكوب برجال دولته؟
يا حضرة القائد، ألم يكن من الأفضل أن تبحث عن المهربين الحقيقيين بدلًا من التفتيش في ملابس السيدات؟ أم أن زوجة هذا الرجل المصري تشكل خطرًا على الأمن القومي أكثر من تجار الحشيش؟
يبدو أننا في زمن أصبح فيه التدخل في خصوصيات الناس رياضة وطنية، والفضول مهنة رسمية، وكأن الناس بحاجة إلى أوصياء يتحكمون في حياتهم، بدءًا من ماذا يلبسون إلى ماذا يأكلون، وربما لاحقًا إلى كيف يتنفسون!
وبما أن القائد المحترم يحب تطبيق الأحاديث، فحبذا لو استشهد بحديث: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فقد يكون هذا أنسب لحالته من الاستشهاد بحديث "من رأى منكم منكرًا" الذي لم يُفسر أبدًا بأنه تصريح بالتدخل في خصوصيات الناس!
وفي الختام، نقول لهذا المسؤول العظيم: "اهتم بعملك الحقيقي، ودعوا الناس في حالهم، فليس من وظيفتكم تفصيل ثياب النسوان على كيفكم"
يا ربي خراجك