قناة "مجلس الإفتاء" على الواتساب: دور المجالس الفقهية في مواجهة التحديات المعاصرة

قناة "مجلس الإفتاء" على الواتساب: دور المجالس الفقهية في مواجهة التحديات المعاصرة

كتب | محمد العياشي alayashi2017@

ظهرت حديثاً قناة مميزة على تطبيق الواتساب تحمل اسم "مجلس الإفتاء"، تشرف عليها كوكبة من علماء اليمن البارزين، ومن بينهم: الشيخ محمد الوقشي، الشيخ طاهر صلاح، الشيخ أمين جعفر، الشيخ عقيل المقطري، الشيخ محمد صلاح، الشيخ يوسف الرخمي، الشيخ خالد الكبودي، الشيخ عبدالمنان التالبي، الشيخ نبيل القاضي، الشيخ ياسين عطا، الشيخ حسن حيدر، ويونس المليكي. تهدف هذه القناة إلى استقبال الأسئلة الفقهية والإجابة عليها من قبل هؤلاء العلماء، مما يجعل الفائدة الشرعية عامة ومتاحة للجميع.  

يواجه الإفتاء في الوقت الحاضر تحديات كبيرة، خاصة مع التغيرات المتسارعة في الأحداث العالمية والمحلية، وزيادة تعقيدات القضايا المعاصرة. في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة الملحة إلى إيجاد حلول شرعية واجتهادات فقهية تتلاءم مع طبيعة العصر ومتطلباته. وتزداد هذه التحديات في اليمن بسبب الظروف الأيديولوجية والسياسية الخاصة التي تمر بها البلاد، مما يفرض على المجالس الفقهية مسؤولية كبيرة في تفسير هذه القضايا بشكل سليم يتجاوز المفاهيم المغلوطة.  

من المنطقي أن نتساءل: هل سيقتصر دور الإفتاء فقط على المسائل الفقهية التقليدية؟ الإجابة تكمن في أن الإفتاء كفعل ديني وفكري يجب أن يتسع ليشمل القضايا الحياتية اليومية بكل تشعباتها. فلا يمكن حصر دور المجالس الفقهية في المسائل القديمة فقط، بل يجب أن تتبنى دوراً أوسع يشمل معالجة النوازل والمستجدات وفق الضوابط الشرعية، وبما يحقق المقاصد العليا للشريعة الإسلامية.  

في ظل الظروف الحالية، يعد رفع الوعي الإسلامي مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجالس الشرعية. وتبرز هنا أهمية المنصات الرقمية مثل قناة "مجلس الإفتاء" على الواتساب، التي تساهم في تحقيق وصول أسرع وأشمل إلى جمهور واسع ومتنوع. هذا النهج الرقمي يتيح للمجالس نشر التربية الشرعية وتعزيز فهم أعمق للمسائل الدينية بطريقة تتناسب مع العصر الرقمي، مما يساعد على ترسيخ الثقافة الإسلامية الصحيحة.  

لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: هل ستقف هذه المجالس موقف الشجاعة في قول كلمة حق أمام السلطان؟ في هذا السياق، يجب أن تتسم المجالس الفقهية بالشجاعة والحرية في التعبير عن المواقف الشرعية بإخلاص وموضوعية، دون أن تتحول إلى أدوات تابعة للسلطة أو وسائل لتحقيق مصالح معينة. إن استقلالية هذه المجالس وحياديتها هي الضمانة الأساسية لثقة الجمهور بها.  

في بعض الأحيان، قد يُستخدم التأصيل الشرعي كسلاح سياسي عندما يتم التلاعب بالنصوص الدينية لأغراض غير نبيلة. وهذا خطر كبير يجب أن يتنبه له المجتمع والمؤسسات الدينية على حد سواء. لذلك، فإن دور المجالس الفقهية لا يقتصر فقط على الإفتاء، بل يمتد ليشمل توجيه الرأي العام وحمايته من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة التي قد تُستخدم لتحقيق أغراض سياسية.  

في النهاية، تكمن أهمية المجالس الفقهية مثل "مجلس الإفتاء" في التزامها بتقديم الإفتاء السليم والنزيه، ونشر الوعي الشرعي، وإقامة جسور الثقة بينها وبين الجمهور. دورها الرقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي، مثل الواتساب، يعزز من قدرتها على التأثير الإيجابي والوصول إلى الأجيال الشابة، مما يساعد على ترسيخ ثقافة الحوار الشرعي المستنير الذي يعزز التعايش السلمي والتفاهم المتبادل في المجتمعات الإسلامية.