لقاء مع القامة الوطنية والمفكر الكبير محمد محسن العمري

اليوم كان يومًا استثنائيًا، لحظة نادرة من تلك اللحظات التي تُشعرك أن التاريخ يتجسد أمامك، حينما أتيحت لي الفرصة للقاء واحدٍ من أعمدة الفكر والسياسة، الأستاذ الكبير والمفكر البارز محمد محسن العمري. لم يكن مجرد لقاء عابر، بل كان جلسة فكرية غنية، نقشت في الذاكرة مشهدًا لن يُمحى.

منذ اللحظة الأولى، شعرت أنني أمام شخصية تملك رصيدًا ثقافيًا وفكريًا لا يُضاهى، رجلٌ ارتبط اسمه بالتاريخ والثقافة، وترك بصمات لا تُمحى في توثيق تاريخ الجنوب وتراثه. هدوؤه الممزوج بوقار الكبار، وحديثه الذي يحمل بين طياته عبق التجربة وعمق المعرفة، جعلا اللقاء تجربة فريدة.

عندما تحدث، شعرت وكأنني أمام أرشيف متنقل، يسرد الأحداث بذاكرة متقدة، ويحللها برؤية استثنائية. كل كلمة ينطق بها تحمل ثقلًا فكريًا، وكل جملة تفتح بابًا لفهم أعمق للتاريخ والسياسة والثقافة. لم يكن الحديث معه مجرد استرجاع للذكريات، بل كان درسًا في فهم التحولات الكبرى التي مر بها وطننا، ومناقشة واعية للمستقبل والتحديات القادمة.

إن الأستاذ محمد محسن العمري ليس مجرد مؤرخ ومثقف، بل هو شاهد على مرحلة فارقة في تاريخنا، ومترجم بارع فتح آفاق الفكر أمام أجيال متعددة. أعماله التي أغنت المكتبة الجنوبية والعربية ليست مجرد كتب، بل شهادات حية تسجل محطات مضيئة من مسيرة وطن وشعب.

وفي لحظات اللقاء، رأيت في عينيه ذلك البريق الذي لا يخفت لدى العظماء، بريق الإيمان بالقضية، والتمسك بالمبادئ، والرغبة في أن تظل الحقيقة دائمًا فوق كل اعتبار. إن الحديث معه يجعلك تدرك قيمة الفكر العميق في تشكيل الوعي الوطني، وأهمية التوثيق في حفظ الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة.

لقد غادرت هذا اللقاء بشعور مختلف، بإحساس أنني التقيت مدرسة فكرية قائمة بذاتها، وأنني كنت في حضرة رجل يحمل في داخله إرثًا لا يقدر بثمن. ومثل هذه اللقاءات النادرة، لا تكتفي بترك الأثر، بل تمنحك دافعًا لتقدير العظماء الذين وهبوا حياتهم لخدمة الوطن والتاريخ والثقافة.

شكرًا للأستاذ محمد محسن العمري، شكرًا على هذه الجلسة الثرية، وشكرًا على كل ما قدمه من إسهامات فكرية وتاريخية ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال.