“القضية التهامية: رؤية للحراك السلمي نحو إنهاء الإقصاء وبناء مستقبل عادل”..

✍????: عبدالجبار سلمان..

تمثل تهامة في اليمن، أحد أبرز الأمثلة على الإقصاء والتهميش الممنهج الذي عانت منه العديد من المناطق اليمنية على مر التاريخ من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة ومليشيا الحوثي مؤخراً...

 ورغم أهمية تهامة الاستراتيجية والاقتصادية والثقافية، إلا أن أهلها واجهوا ظروفًا معيشية قاسية وحرمانًا من حقوقهم في التنمية والمشاركة السياسية. وقد أدى هذا الوضع إلى بروز حراك تهامي سلمي يسعى إلى رفع الإقصاء وتحقيق العدالة والكرامة لسكان تهامة..

 يرجع الإقصاء الذي تعاني منه تهامة إلى مجموعة من الأسباب التاريخية والسياسية والاجتماعية، من أبرزها الإهمال التنموي حيث تعاني المنطقة من نقص حاد في البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه النظيفة. وكذلك السيطرة المركزية حيث تركز السلطة في صنعاء وعدن تاريخيًا أدى إلى حرمان تهامة من الاستفادة من مواردها المحلية. وكذلك أيضاً الاستغلال الاقتصادي عن طريق استنزاف الموارد الطبيعية لتهامة، بما في ذلك الأراضي الزراعية وميناء الحديدة، دون تحقيق فائدة ملموسة للسكان المحليين. بالإضافة إلى التهميش والإقصاء الثقافي والاجتماعي من خلال تجاهل التراث الثقافي والدور التاريخي لأبناء تهامة في صياغة الهوية الوطنية اليمنية...

في المقابل انطلق الحراك التهامي كحركة سلمية تنادي بحقوق سكان تهامة، وترفع مطالبهم بالعدالة والتنمية. وتتجلى أهداف الحراك في إنهاء الإقصاء والتهميش من خلال المطالبة بتمثيل عادل لأبناء تهامة في الهيئات السياسية والحكومية. وأيضاً تحقيق التنمية المستدامة عبر الضغط لتوفير الخدمات الأساسية وتطوير البنية التحتية. وكذلك الحفاظ على الهوية الثقافية من خلال تعزيز التراث التهامي وحمايته من التلاشي..

 يعد توحيد الجهود بين القوى المحلية والدولية ضرورة حيوية لتحقيق أهداف الحراك التهامي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توحيد الصفوف داخليًا والعمل على تشكيل قيادة موحدة للحراك تضم جميع مكونات المجتمع التهامي. وتعزيز الحوار الداخلي بين القبائل والمجتمع المدني للتغلب على الخلافات وتحقيق الإجماع. وكذلك أيضاً العمل مع المنظمات الدولية من خلال التواصل مع المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية لتسليط الضوء على معاناة سكان تهامة. ورفع تقارير دورية إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حول الانتهاكات والاحتياجات الإنسانية. وأيضاً الشراكة مع القوى الوطنية عن طريق بناء تحالفات مع القوى السياسية اليمنية التي تشترك مع تهامة في الأهداف التنموية والحقوقية. وتقديم الحراك التهامي كجزء من مشروع وطني شامل يهدف إلى تحقيق العدالة لكل اليمنيين..

 ويعد الاستفادة من الإعلام أحدى أهم الجهود لتحقيق أهداف الحراك التهامي وذلك عن طريق استخدام وسائل الإعلام المحلية والدولية لنشر الوعي بالقضية التهامية. وإنتاج مواد إعلامية تعكس الواقع الإنساني والثقافي والاقتصادي لتهامة. يواجه الحراك التهامي مجموعة من التحديات، مثل الصراعات الداخلية بين القوى السياسية، وضعف الدعم المالي واللوجستي، والتهميش والإقصاء الإعلامي. ومع ذلك، فإن الفرص المتاحة كبيرة، خاصة مع زيادة الاهتمام الدولي بالأزمات الإنسانية في اليمن وتصاعد الدعوات لتحقيق سلام شامل وعادل..

ختاماً تظل القضية التهامية اختبارًا لمدى قدرة اليمنيين على تجاوز التحديات وبناء مستقبل قائم على العدالة والمساواة. ويعد الحراك التهامي السلمي نموذجًا يُحتذى به في تبني الأساليب السلمية لتحقيق التغيير. ومن خلال توحيد الجهود المحلية والدولية، يمكن أن يصبح هذا الحراك أداة فعالة لإنهاء التهميش والإقصاء الممنهج وتحقيق التنمية والكرامة لأبناء تهامة...