وداعا قاضي الإنسانية

وداعا قاضي الإنسانية

منبر الأخبار

 

   كتب/ جهاد محسن:

كان خبرا قاسيا هزني حين بلغني وفاة القاضي فهيم عبدالله محسن الحضرمي "رحمه الله"، هذا الرجل الطيب المتواضع الذي يتمتع بسمات إنسانية جميلة وسامية، ويتميز بصفات النزاهة والالتزام المهني، تراه دائما هادئا ومبتسما لكل الناس، يتعامل بكل ود واحترام مع كل من يقابله، .

كثيرة هي الأوقات التي قضيتها بصحبة القاضي فهيم منذ أن عرفته عام 2008م وكنت دائما أزوره لمكتبه حين كان يرأس محكمة استئناف عدن، وأحيانا إلى منزله لمتابعة بعض الأمور المتعلقة بجوانب إنسانية تتعلق بقضايا ومعيشة المواطنين.

أوقات كثيرة جلست إلى جانب هذا الرجل العظيم، تحدثنا خلالها في الكثير من القضايا الحقوقية والإنسانية.

كان القاضي - فهيم - لمن لا يعرفه من أكثر الشخصيات القضائية التي أرتبطت حياتها بهموم الناس، وقضاء حوائجهم، والسؤال عن كل صديق غاب عنه، يمتلك من الحب ما يجعلك تحن إليه كلما أبتعدت عنه، رجل أحب الناس، وأحبته الناس، ظل حاضرا في أحلك الظروف إلى جانب أهله في عدن، ولم يأثر الفرار والهروب من جحيم الحرب، التي عاشتها عدن وسكانها عام 2015م، قاسم الناس همومهم، وتقاسم معهم أحزانهم.

 كانت للقاضي - فهيم - بصمات إنسانية لا تنسى، حين سعى بمعية عدد من المخلصين الأوفياء أثناء ظروف حرب 2015م القاسية إلى تشكيل "ائتلاف عدن للإغاثة الشعبية، اتذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر، الإخوة نائف نايف البكري ابو جهاد و Adnan Alkaf و جمال محفوظ بلفقيه بلفقيه ، وأخرون ممن أثروا البقاء إلى جوار أهلهم في عدن، للإشراف وتسهيل لهم كل الاحتياجات والمؤن الغذائية التي كانت تصلهم من قبل الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بهئية "الهلال الأحمر الإماراتي" وتوزيعها في ظل اوضاع معقدة وخطيرة إلى كل السكان دون استثناء في مختلف الحارات والمديريات، انطلاقا من حرصهم الإنساني العميق وواجبهم المسؤول تجاه أهلهم المحاصرين في عدن، لا يخافون على حياتهم بقدر حرصهم كيف يصلون الغذاء والدواء لكل بيت وحارة، يعملون بصمت بعيدا عن أية دعاية إعلامية، أو شهادة تقديرية، توزعت اجتماعاتهم في أكثر من منطقة، تارة في المنصورة، وتارة بمدينة إنماء في مكتب الشيخ حسين الهمامي ، كان المشترك الذي يجمع القاضي - فهيم - وممن كانوا معه هو تأمين المساعدات الإغاثية وإيصالها رغم المخاطر لكل مستحقيها،  بعيدا عن أي حسابات آنية وذاتية، يجازفون في ولوج المناطق المتأخمة للجبهات الساخنة لرصد وتوثيق الحالات الإنسانية، لا يبالون الردى، ولا يخشون الوغى، كان هدفهم هو قوت الإنسان مهما كانت التحديات صعبة والظروف قاسية.

عمل القاضي - فهيم - بإخلاص وتفاني، ولم ينتظر من أحد جزاء أو ثناء، كان خير رجال عدن الذين عملوا بصمت، ورحلوا بصمت.

لروحك السلام

وحفظ الله رفاقك الكرام

#جهاد_محسن