تَبَع مَن؟.

تَبَع مَن؟.

منبر الأخبار

ما أن نشبت الحرب السودانية الحالية بين فريقي الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي لن تنتهي إلا بتدمير السودان وتقسيمه إلى عدة دويلات، لأن هذا هو السيناريو المرسوم للوطن العربي ككل، وفي خضم هذه المعارك وفي خضم التغطية الإعلامية لها، كان السؤال الأبرز عن الولاءات الخارجية لكلا الفريقين: البرهان تَبَع مَن؟ وحميدتي تَبَع مَن؟.

فما الذي أوصلنا إلى هذه الحالةكعرب، التي جعلتنا نتصور ألا يوجد قائد عربي إلا وهو ذيل تابع لقوى خارجية؟.

يأتي هذا الاستفسار، وكأن قدرنا في الدول العربية ألا يحكمنا حاكم وطني ولائه لله أولا ثم للوطن، بل لابد أن يكون ذيلاً تابعاً لأحد الدول الخارجية، ينفذ أجنداتها حتى ولو كانت على حساب وطنه، من أجل أن يُمَكَّن من جزء من ثروات بلاده ومناصبها لحسابه الخاص وحاشيته.

إلا أنه في ذات الوقت قد يكون هذا الاستفسار منطقياً من خلال ما عايشناه من صراعات دامية على الساحات العراقية واليمنية والليبية والسورية، التي يظهر للعيان بجلاء أنها أصبحت ساحات صراع إقليمية ودولية، لا ناقة لشعوب تلك الدول فيها ولا جمل، وأن من يقودون تلك الصراعات إنما يقودونها لمصلحة القوى الخارجية أولاً ولمصالحهم الشخصية ثانياً.

ورغم هذا الواقع البائس المتشبع بالتبعية والانحطاط الوطني، الذي وصل إلى الحضيض، والذي من وجهة نظري لم يسبق له مثيل في التاريخ العربي، إلا أنه ينبغي ألا نفقد الأمل في الله أولاً وفي نهضة الشعوب العربية ثانياً، حيث يقول الشاعر عبد الله البردوني في قصيدته الشهيرة (ماذا عن القوم؟.) التي استهلها بالواقع المزري لوطنه، ثم اختتمها بهذه الأبيات الرائعة والخالدة:

لا تَحسبِ الأرضَ عن إنجابِها عَقِرت

مِن كُلِّ صَخرٍ سَيأتي لِلفِدا جَبَلُ

فالغصنُ يُنبتُ غصناً حين نَقطعه

والليلُ يُنجبُ صبحاً حين يَكتملُ

سَتمطر الأرضُ يَوماً رغم شِحّتِها

ومِن بطونِ المآسي يُولَدُ الأملُ


أما عن هذا اليوم الذي ستمطر الأرض فيه فأقول ما قاله تعالى (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا).


أنيس صالح القاضي

مستشار قانوني

25 أبريل 2023م

.