هيفـــــاء نبهــــان: من ظلال النزوح إلى نور المعرفة في مدارس النبـــــلاء الحديثـــــة قصة إلهام تعكس قوة الإرادة وسمو الطموح في وجه التحديات
منبر الأخبار - كتب القصة /محمد العياشي alayashi2017@
في قلب مأساة النزوح والصراع، تشرق قصة هيفاء نبهان ذو خمسة عشر عاما كشعاع أمل يخترق الظلام، لتروي لنا ملحمة من العزيمة والإيمان التي لا تتزعزع.
بدأت رحلة هيفاء في صنعاء، المدينة التي شهدت طفولتها وبداياتها. لكن عام 2014 حمل معه رياح التغيير القاسية، حيث اجتاحت جماعة مليشيات الحوثي الإرهابية العاصمة ، وألقت بظلالها السوداء على حياة سكانها. اضطرت هيفاء، مثل العديد من أبناء وطنها، إلى النزوح عام 2017، تاركةً خلفها ذكريات ومنازل وأحلاماً.
كانت هيفاء شغوفةً بالقراءة والتعلم منذ نعومة أظفارها. ووجدت في مدينة مأرب ومدارس النبلاء الحديثة الصف الأول الثانوي ملاذاً آمناً لمواصلة تعليمها، وبيئةً داعمةً لمواهبها المتعددة. فبين جدران هذه المدرسة، نمت موهبتها في الكتابة والتأليف، مدفوعةً بتشجيع والديها اللذين آمنا بقدراتها الفريدة.
لكن شغف هيفاء لم يقتصر على الأدب فقط، ففي مركز عمر بن الخطاب، وجدت هيفاء بيئةً تعليميةً مميزةً ساعدتها على تحقيق إنجاز عظيم، وهو ختم القرآن الكريم في الصف السابع. وتُعزي هيفاء هذا الإنجاز إلى معلماتها الفاضلات اللواتي أشرفن على تعليمها وحفظها للقرآن، ومنهن الأستاذة أسماء الوائلي، والأستاذة أمة الرحمن الأشول، والأستاذة رويد.
لم تكن رحلة هيفاء خالية من التحديات، فكأي حافظ للقرآن، واجهت صعوبات أثناء الحفظ، خاصة عند الإشراف المباشر. لكنها تمكنت من تجاوز هذه العقبات بإصرارها وحبها العميق لكتاب الله. وتستمد قوتها من الآية الكريمة: "يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون" (سورة يس، الآية 30)، التي تُذكرها دائماً برسالتها السامية.
إن طموح هيفاء لا يعرف الحدود. فهي تحلم بأن تكون داعيةً ومؤلفةً وباحثةً، تنشر الوعي وتكافح الجهل والظلم. كما تتطلع إلى تعليم النساء القرآن الكريم، ونشر رسالته السمحة في كل ربوع اليمن.
قصة هيفاء نبهان هي رسالة أمل لكل من يكافح في خضم الظروف القاسية. إنها تثبت أن الإرادة الصلبة يمكنها أن تحول المحن إلى منح، وأن الموهبة يمكن أن تزدهر حتى في أحلك الأوقات. فهي مثال حي على قدرة الشباب على التغيير والإنجاز، مهما كانت الظروف المحيطة.
هيفاء، أنتِ مصدر إلهام للجميع، فقصتكِ تذكرنا بأن النزوح والظروف الصعبة لا يمكنها أن تكسر عزيمة الإنسان. ستبقى قصتكِ خالدةً، تضيء درب الأمل والإنجاز للشباب اليمني والعالم أجمع. إنها دليل ساطع على أن المعرفة والموهبة قادرة على التغلب على كل الصعاب، وأن المستقبل المشرق ينتظر كل من يؤمن بقدراته ويسعى لتحقيق أحلامه.