صحيفة: كارثة إذا وقعت في اليمن ستحتاج إلى 100 عام للتخلّص منها..

صحيفة: كارثة إذا وقعت في اليمن ستحتاج إلى 100 عام للتخلّص منها..

منبر الاخبار / عبدالرحمن انيس

بعد أكثر من عشرين يوماً على استهداف ميليشيا الحوثي ناقلة النفط اليونانية "إم في سونيون" في البحر الأحمر، لا تزال النار مشتعلة فيها وسط مخاوف من أن تصل إلى مخازنها التي تحتوي على مليون برميل من النفط الخام.
 
ففي 21 آب (أغسطس) المنصرم، أعلن المتحدث العسكري بإسم ميليشيا الحوثي يحيى سريع أن الميليشيا استهدفت ناقة النفط التجارية "سونيون"، مبرراً ذلك بأنها "تابعة لشركة تتعامل مع إسرائيل وانتهكت قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين"، بحسب تعبيره.
 
والخميس، قال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة إلى مجلس الأمن إن هناك تهديداً وشيكاً بحدوث تسرب نفطي خطير وكارثة بيئية غير مسبوقة جراء الاستهداف الحوثي للناقلة اليونانية، مشيراً إلى أن تسرب النفط بهذا الحجم سيرتب عواقب وخيمة على اليمن والمنطقة عامةً.
 
وقال مسؤول بيئي يمني لـ"النهار العربي" إن هناك خمسة حرائق مشتعلة في أعلى متن الناقلة، لكنها لا تزال متماسكة وثابتة في موقعها.
 
كارثة سواء غرقت أم لم تغرق
ويؤكد وكيل الهيئة اليمنية لحماية البيئة عبد السلام الجعبي في حديث إلى "النهار العربي" أن هناك أضراراً واقعة، حتى مع بقاء الناقلة في وضعها الحالي والحرائق مشتعلة ومن دون جنوحها وتسرب النفط إلى البحر، لأن الاحتراق الحاصل للنفط سيسبب تلويثاً للهواء في منطقة الناقلة.
 
ويوضح الجعبي أن التلوث الهوائي "سينتقل مع الرياح إلى أماكن كثيرة في الدول المطلة على البحر الأحمر أساساً، وغيرها من الدول التي ستصل إليها الرياح المحملة بأدخنة احتراق النفط الخام، وستنزل أمطاراً حمضية عالية التركيز لها تأثير كبير على الغطاء النباتي وعلى صحة الإنسان وعلى الكائنات الحية بصورة عامة، وتسبب الكثير من الأمراض التنفسية والسرطانات وستتغير جودة الهواء لفترات متوسطة".
 
أمطار حمضية
ويشبه الجعبي الوضع بما حصل إبان احتلال دولة الكويت وحرق العراقيين آبار النفط فيها قبل انسحابهم منها لتكون سحباً دخانية سوداء لتغطية هذا الانسحاب، ما أدى إلى كارثه بيئية كبيرة أصابت معظم دول الجوار، ومنها اليمن، مع موسم الرياح والأمطار، إذ نزلت أمطار حمضية عالية التركيز وسوداء، وهو ما كان له تأثير كبير على كل الكائنات الحية والنباتات، فضلاً عن انتشار العديد من الأمراض الرئوية والسرطانات.
 
أضرار بيئية خطيرة
ويضيف الجعبي: "حمولة السفينة سونيون 150 ألف طن من النفط الخام، وهي على مسافة 77 ميلاً بحرياً من ميناء الحديدة، وهناك كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية، إقليمية ودولية، ستحل في حال غرق الناقله سونيون وتسرب النفط الخام الموجود بداخلها. من الناحيه البيئية سيتلوث البحر الأحمر والشواطئ في المنطقة قاطبة، وبصورة مباشرة الشواطئ اليمنية ومحافظة الحديدة على وجه الخصوص، والشواطئ الإرتيرية والجيبوتية والصومالية، وستمتد بقع النفط إلى السواحل في المملكة العربية السعودية والسودان بحسب حركة الرياح ".
 
انهيار النظم البيئية
ويشير الجعبي إلى أنه في حال غرق الناقلة "سونيون" ستنهار النظم البيئية الفريدة والمميزة في البحر الأحمر، ومنها الشعب المرجانية التي ستنهار انهياراً شبه كامل، وسيحصل نفوق للأسماك بكل أنواعها وأحجامها، وكذا هجرة ما تبقى منها لأن بيئتها وموائلها ستنهار، والشيء نفسه سيحصل للكائنات الدقيقة والقشريات والثدييات البحرية وغيرها من الكائنات البحرية والطيور البحرية المستوطنة والطيور البحرية المهاجرة.
 
إضافة إلى الكارثة البيئية، سيترتب على ذلك فقدان مئات الآلالف من فرص العمل للصيادين والعاملين في مجال السياحة، وسيتحول المجتمع الساحلي المقدر بأكثر من مليون مواطن إلى البطالة وستتفاقم أوضاعهم الاقتصادية فوق تفاقمها. 
وحذر المسؤول البيئي اليمني من انهيار محطات تحلية مياه البحر الممتدة طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر وانعدام مياه الشرب التي يعتمد عليها المواطنون في هذه المناطق.
 
تسونامي للهجرة
ويذهب الجعبي إلى حد توقع تسونامي هجرة داخلية ونزوح من المناطق الساحلية إلى المناطق الداخلية، وهو ما سيفاقم الأوضاع في المناطق الأخرى وستحل الكارثة بانهيار كامل للخدمات وتفاقم الأزمة الإنسانية.
 
ويوضح الجعبي أن مشكلة البحر الأحمر أنه شبه مغلق، وتجدد المياه فيه يحتاج لعشرات السنين بصورة طبيعية، مختتماً حديثه بالقول: "هذا يعني أن الكارثة البيئية إذا حصلت ستحتاج ما يقارب المئة عام حتى تنتهي آثارها".
 
تسرب بقاع الزيت
المدير العام للتخطيط والمعلومات البيئية أمين الحمادي يرى في حديث إلى "النهار العربي" أن تسرب بقاع من الزيت من الناقلة سونيون إلى البحر قد يظهر في الأحياء المائية، وقد يقضي على بعض الطيور الموجودة على سطح المياه. 
 
ويضيف الحمادي: "إذا حصل تسرب للنفط فسيكون ذلك تهديداً بيئياً للممر المائي. لكننا نتمنى أن يكون هناك تحرك فوري من الأمم المتحدة بإخراج هذه السفينة أو تفريغ حمولتها حتى لا تشكل خطراً على الموائل البحرية"..