قرارات المعبقي وصدمة القوى الاقتصادية الانتهازية

من أبرز ردود الفعل التعسفية والقاسية التي تعمدت القوى الاقتصادية النافذة في مواجهتها القرارات السيادية والاصلاحية لمحافظ البنك المركزي بعدن، إقدامها على رفع أسعار مختلف السلع الغذائية في مناطق سيطرة الشرعية، ومنها مدينة تعز المحاصرة التي ارتفع فيها سعر علبة الزبادي الصغيرة من (400) ريال إلى (500)، وتجاوَّز فيها سعر الكيلو القمح او الدقيق حاجز ال(1000) ريال، وتزامن هذه الارتفاعات السعرية مع إغلاق كافة أفران الخبز، بعد عجزها وعجز مواطني المحافظة عن مواجهة حرب الأسعار المُّداهمة وغير المبررة من قبل القوى الاقتصادية المتفردة بانتاج واستيراد وتوزيع هذه السلع الحيوية في مختلف أنحاء اليمن.

إما الابتزاز أو التثوير

مازالت هذه القوى تعمد إلى ظنونها في قدرتها التقليدية على إدارة علاقتها بالسوق الوطنية والحكومات المتعاقبة، وانها قادرة على تحقيق نجاح مائز بهذه الطريقة العقابية للجميع، وأنها ستحقق هدفها المبدئي الذي اعتادته في تثوير الشارع سواء في تعز أو غيرها في وجه الحكومة الشرعية. المنهكة، وارغامها على التراجع عن قراراتها السيادية المتعلقة بإصلاح وضع العملة الوطنية، بعد أن كانت هذه القوى قد اتخذت من الفارق التضليلي والمفتعل للتربح غير المشروع، في فرض قيمة سعرية وهمية طيلة خمس سنوات مضت لصالح العملة الوطنية القديمة المعتمدة في مناطق سيطرة الحوثيين على حساب ما أسمتها العملة الجديدة التي حصرت تداولها في مناطق الحكومة الشرعية واعطتها قيمة سوقية متدنية.

ولم يقتصر أطماع هذه القوى في تحقيق أرباح خيالية نتيجة لاصطناعها واعتمادها مزعوم فارق السعر بين أوراق عملة وطنية صادرة عن بنك مركزي سيادي واحد، وإنما تجاوزت ذلك إلى تحويل أسواق مناطق الحكومة الشرعية إلى مصدر مُدر لها من العملات الأجنبية، تحت مبررات:

1- أن مواقع انتاجها وموانئ استيرادها للسلع الغذائية تقع في مناطق الحوثيين ولهذا السبب هي مجبرة على التعامل بالعملة المعتمدة هناك في كل أنحاء اليمن.

2- الخشية من التدني المستمر لاسعار العملة الجديدة في مناطق الشرعية مقارنة بثباتها في مناطق الحوثيين.

3- وبهذه الطريقة استطاعت فرض اسعار مختلف السلع بما يقابلها بالريال السعودي والدولار، فضلت تستنزف سوق الشرعية المليارات من هذه العملات يومياً، ودون رحمة.

والنتيجة

إن قرار محافظ البنك المركزي في عدن بخصوص نقل البنوك التجارية وشركات الصرافة مقراتها إلى العاصمة عدن، والذي قوبل بالامتناع، فكان الرد القانوني البنك المركزي باستخدام صلاحيته بحجب أكواد هذه البنوك ومنعها من التعاملات المالية الخارجية، ثم قراره الآخير بسحب العملة القديمة من السوق الوطنية خلال ستين يوما ابتداء من اليوم الأول من الشهر الجاري، وهي القرارات التي تعني قطع يد كبار لصوص القوى الاقتصادية الانتهازية التي ظلت هي المسيطرة والمستفيدة من وجود جماعة الحوثيين كغطاء يبرر لها مزيداً من الثراء غير المشروع والمنافي للحد الأدنى من القيم والأخلاق الدينية والانسانية.

وماذا بعد؟

ها هو حال القوى الاقتصادية اليمنية الفاعلة والنافذة، وقد بدت اليوم بلا قناع، وبانت سوئتها لكل الملأ، فماذا لديها من جديد يمكن أن تكابر به وتكسر به الوعي العام الذي أدرك حقدها وانها المستفيد الأول في استثمارها معاناته طيلة سنوات الحرب؟

وعلى ضوء هذه الحقائق المؤلمة والمأساوية، يا ترى، ماذا يمكن أن يقترحه الخبراء الحكوميون وغير الحكوميين من أفكار وخطط وحلول لمواجهة هذه القوى المتغولة باحتيلاتها الإثرائية؟

اكتفي بهذا، والى اللقاء في تناولة أخرى لهذا الموضوع، خالص التحايا واجمل الامنيات.

#عابر_كلام