زواج اليمنيات من أجانب.. نظرة قانونية
تطرقنا في الحلقة الماضية إلى بعض الجوانب القانونية لواقعة زواج اليمنيات من غير اليمنيين، أو ما يعرف عند بعض فقهاء القانون بالزواج المختلط، وفي هذه الحلقة سوف نتطرق إلى الإشكاليات التي قد تنجم عن هذا الزواج، في محاولة لطرح رؤى قانونية لتوفير الحماية الممكنة لمن يُقدِمنَ عليه رغبةً أو رهبةً.
ومن هذه الإشكاليات، أن البعض قد يرى أن اشتراط موافقة الجهات الرسمية على زواج اليمنيات من الأجانب، نوع من التعقيد الإداري، وفي حقيقة الأمر أن هذه الاشتراطات، هي من أجل توفير الحماية القانونية لهن، لذلك فإن يتعين على كل من يقدمن على هذا الزواج الحرص على الحصول على الموافقات الرسمية وتوثيق العقد بطريقة شرعية وقانونية صحيحة، فعلى سبيل المثال فإن المرسوم السلطاني العماني رقم (23 / 2023) الذي أجاز للعمانيين الزواج من غير العمانيات نص في المادة (3) منه على أن "تُوثَّق المحررات التي تثبت زواج العُمانيين من أجانب..، وتعامل المحررات الأجنبية المثبتة لهذا الزواج معاملة الوثائق العُمانية الرسمية بعد التصديق عليها من الجهات المختصَّة فـي الدولة الأجنبية ووزارة الخارجية العُمانية" وبناء عليه فإن أي زواج في اليمن لا يحمل تصديقات الجهات الرسمية اليمنية، لا يمكن أن يوثق في سلطنة عمان ولا غيرها، وهذا ما قد يسبب إشكالات للزوجة وأبنائها في إثبات حقوقهم والمطالبة بها سواء أثناء عقد الزواج أو بعده.
ومن تلك الإشكالات أيضاً، بأنه وللأسف حسب ما سمعنا فإن هذا الزواج يتم بمقابل مهور بخسة، قد تكون بالعملة اليمنية كبيرة، ولكنه مقابل عملات الدول المجاورة تعتبر بخسة وزهيدة جدا، والمؤسف أكثر أن عقد الزواج هذا لا يتضمن مؤخر للمهر وإن تم اشتراطه فيكون كذلك مؤخر بخس وزهيد، لذلك فإنه يتعين أن يكون هناك مؤخر مهر مقبول ومعقول وبعملة بلد الزوج، ليكون بمثابة الحماية للزوجة من التقلبات المستقبلية لهذه العلاقة، ومن أي سوء نية للطرف الآخر.
وكذلك من الإشكاليات، فارق العمر الكبير الذي قد يكون بين الزوجين فتجد أن الزوج من المتقاعدين، وقد يكون متقاعداً فكرياً وجسدياً ومادياً، ويبحث عن علاقة عمالية غير مكلفة أكثر منها علاقة زوجية، وإن كانت مؤطرة قانونياً باسم عقد زواج.
ونكتفي بهذه الأمثلة من الإشكاليات، التي قد تتعرض لها المقدمات على الزواج المختلط، وهذه الأمثلة تعتبر، إشكاليات معروفة وبالإمكان تجاوزها، مقارنة بأمثلة سوداوية، لا استسيغ التعرض لها هنا في هذه المنشور، ولأن دول الخليج ــ ولله الحمد ــ تتمتع بقوانين وسلطات قضائية وتنفيذية، توفر الحماية الكافية، للمواطنين والمقيمين على أرضها، مالم يفرط أصحاب الحقوق بحقوقهم، وهنا فإن المفرط أولى بالخسارة.
ولتجاوز الإشكاليات التي قد تنجم عن زواج اليمنيات بغير اليمنيين، فإنني أقدم بعض التوصيات المتواضعة، إزاء هذه الواقعة، وهذا ما سوف نتطرق له ــ بإذن الله ــ في الحلقة القادمة.
أنيس صالح القاضي
مستشار قانوني
10 مايو 2024م