“الكوفية الخيزران: أيقونة الهوية التهامية في مواجهة العمامة الزيدية ( القاوق )”..

في خطوة رمزية تعكس عمق الانتماء والتمسك بالهوية، ظهر وفد الحراك التهامي السلمي خلال لقائهم بممثلي الأمم المتحدة في الأردن مرتدين الكوفية الخيزران مع الزي التهامي التقليدي. هذه الخطوة لم تكن مجرد اختيار عفوي للباس، بل هي رسالة مباشرة إلى الداخل والخارج، تؤكد أن قضية تهامة ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي قضية هوية، ثقافة، وحقوق تاريخية عميقة الجذور...

 تعد الكوفية الخيزران رمزًا ثقافيًا عريقًا للهوية التهامية، تعبر عن التراث، الكرامة، والانتماء. حضورها في هذا اللقاء الدولي لم يكن مجرد استحضار لتراث محلي، بل هو استدعاء لهوية وطنية تتحدى محاولات التهميش والإقصاء التي مارستها قوى الهيمنة عبر التاريخ، بدءًا من العهود الإمامية الكهنوتية حتى عودة الأماميين الجدد الحوثيين... 

الكوفية الخيزران، بكل بساطتها وأناقتها، عكست رفضًا صارخًا لكل محاولات فرض العمامة الزيدية (القاوق) كرمز وحيد للهوية السياسية أو الثقافية. في هذا السياق، أصبحت الكوفية التهامية درعًا رمزيًا يواجه مشاريع الإقصاء الطائفي، مانعةً من استفراد العمامة الزيدية بمشهد الهوية الثقافية اليمنية. ظهور الوفد بالكوفية الخيزران لم يكن فقط رسالة إلى ممثلي الأمم المتحدة، بل هو رد على كل القوى التي حاولت طمس هوية تهامة أو تقزيم قضيتها. الرسالة واضحة: تهامة ليست مجرد رقعة جغرافية يتنافس عليها الأطراف السياسية، بل هي شعب له تاريخ، حضارة، وثقافة لا تقل أهمية عن أي مكون آخر في النسيج اليمني.
ارتداء الكوفية الخيزران في لقاء المبعوث الأممي جاء ليقول إن الحراك التهامي يعي أهمية الهوية الثقافية كعامل قوة في الصراع السياسي..

 التهاميون يدركون أن الكفاح من أجل الحقوق يبدأ بالتمسك بالجذور، وبهذا فإنهم يسحبون البساط من تحت أقدام المشاريع الطائفية التي تروج لهيمنة ثقافة أحادية تحت مظلة العمامة الزيدية. لقد أراد أصحاب العمامة الزيدية فرض رموزهم كعلامة فارقة للسلطة والهوية، مستغلين فترات من السيطرة السياسية لتعميم ثقافتهم على حساب المكونات الأخرى. إلا أن الكوفية الخيزران، التي ظهرت في هذا السياق، جاءت لتكسر هذا النمط...

إنها ليست مجرد غطاء للرأس مصنوع من الخيزران، بل إعلان صريح بأن زمن الهيمنة الثقافية قد ولى، وأن التعددية الثقافية اليمنية هي واقع لا يمكن تجاوزه. لا يمكن فهم رمزية الكوفية الخيزران بمعزل عن سياق الصراع التاريخي بين تهامة والمشروع الإمامي. العمامة الزيدية (القاوق)، التي استخدمت لعقود كرمز للسلطة الدينية والسياسية، حملت في طياتها إشارات تهميش لبقية المكونات...

أما اليوم، فإن الكوفية الخيزران تقف كند قوي، تعبر عن إرث تهامي ممتد يرفض الخضوع لمحاولات الهيمنة الطائفية...

ختاماً إن ظهور الكوفية الخيزران في اللقاء مع المبعوث الأممي إلى اليمن وفوق طاولة المفاوضات يمثل انتصارًا رمزيًا للحراك التهامي، الذي نجح في إيصال قضيته للعالم ليس فقط كمسألة حقوقية وسياسية، بل كقضية ثقافية عميقة. إنه تذكير بأن النضال من أجل الحقوق يبدأ بالاعتزاز بالهوية، وأن قوة التهامي تكمن في تمسكه بجذوره، مهما حاول الآخرون طمسها. الكوفية الخيزران ليست مجرد غطاء رأس؛ إنها راية كرامة في مواجهة العمامة الزيدية، وإعلان بأن تهامة لن تُنسى ولن تُهمش..