عام على رحيل رائد النشيد الإسلامي

رضوان خليل (أبو مازن)

النور ملء عيوني

والحور ملك يميني

وكالملاك أغني

في جنةٍ وعيونِ

في القاهرة قضى رائد النشيد الإسلامي سنواته الأخيرة حتى وفاته في الـ15 مارس 2023، عن عمر ناهز 70 عاماً، تاركاً أثراً خالداً من الأناشيد التي شحذت نفوس ملايين الشباب في مختلف الأقطار، وصدحت بها الحناجر في مشرق العالم الإسلامي ومغربه، ولم يكن يعرف أصدقاؤه وجيرانه في القاهرة أن صديقهم السوري المقيم معهم منذ 30 سنة، هو نفسه المنشد الذي جابت أناشيده الآفاق باسم (أبو مازن)، فقد آثر أن يبقى ما قدمه في سبيل الدعوة خالصاً لا يشوبه شيء. 

اعتاد جيرانه في الحي على رؤية إمامهم في الصلاة، حتى فاجأهم نبأ وفاته ذات مساء، ولم يكن هو الإمام في صلاة المغرب، كان شخصا آخر يؤمهم، أما الإمام أبو مازن فقد جاء النعي بعد الصلاة يبلغ المصلين بصوت حزين يشبه أحد أناشيده القديمة: مات الشيخ. وتردد صدى صوته:

عائدٌ أنا من حيث أتيت

 عائدٌ أنا لمسجدي

عائدٌ إلى الصلاة والركوع والسجود

عائدٌ إلى الطريق خلف أحمد الرسول

أطلق الخطى حثيثةً في إثره

عرفت قصة الطريق كلها

وعائدٌ أنا برغممهم

كالفجر 

كالصباح مغدق وجاسمِ

والخطو كالرياح عاصفٌ وعارمِ

ولد المهندس رضوان خليل في دمشق عام 1952، وفي مساجدها نشأ على طاعة الله وحب الدعوة، ثم تجلى إبداعه في صوته الآسر الجميل، وخلال سنوات شبابه أنتج سلسلة أناشيده التي طافت الأقطار ولامست القلوب والمشاعر، وكان عدته في ذلك الصوت المؤثر واللحن الجميل فضلاً عن اختياره من عيون الشعر قصائد معبرة، لتكتمل غاية الأدب مع رسالة الفن، فكانت أناشيد الخلود، واحدة من أجمل ذكريات الماضي لأجيال متواصلة طالما أنصتت لأبي مازن.

وفي تلك الليلة الحزينة كان عبدالرحمن بكر يبكي، وهو يتذكر كلمات الأنشودة:

 يا شهيد يا شهيد، يا شهيداً رفع الله به   

جبهة الحق على طول المدى يا شهيد..

هذه الأنشودة التي كان يسمعها عبد الرحمن عبر شريط كاسيت ضعيف الصوت رديء التسجيل، في شبابه، ثم ينخرط في بكاء مرير، وقد علم وقتها أن نظام الرئيس السوري حافظ الأسد، قد قطع لسان أبي مازن، وتركه ينزف ويموت، ليصير صاحب أنشودة "يا شهيد"، شهيدا، وتجسيدا للنشيد الذي كان يلحنه وينشده، هكذا اعتقد عبد الرحمن خلال حديثه لـ"الجزيرة نت"، لكنه اكتشف وهو يقف أمام الجسد المسجى، أن الحكاية غير صحيحة، وأن رائد الإنشاد الحركي قد استقر به المقام في القاهرة بدون إعلان، حتى وافته المنية في تلك الليلة.

رحمة الله على رائد النشيد فقد ترك إرثاً جليلاً لا يمكن نسيانه.

*فؤاد مسعد*