رؤية شرعية وتربوية.. تفريد المناهج التعليمية بين الجنسين

رؤية شرعية وتربوية.. تفريد المناهج التعليمية بين الجنسين


كتب| محمد العياشي alayashi2017@

تفرض مناهجنا التعليمية ذات المحتوى الموحد على الجنسين -تحت دعوى المساواة- ما يتجاهل الفروق الطبيعية؛ ويؤدي إلى هدر جهد المرأة في علوم لا تلائم دورها، ويحرم الرجل من التركيز على ما يحتاجه.

ونرى ذلك جليا في العلوم المادية؛ فدراسة تفاصيل الكهرباء والتيار المستمر ونظريات الفيزياء المعقدة تفرض على الفتاة كما تفرض على الشاب، مع أن الفائدة العملية منها في حياة المرأة محدودة جدا، بينما هي اساسية في العديد من المهن والتخصصات التي يغلب عليها الطابع الذكوري. اليس من الاجدى توجيه جزء من مناهج الفتاة نحو علوم تناسب تكوينها، كعلوم التربية، او الصحة الاسرية، او الادارة المنزلية، مما يعود بالنفع المباشر عليها وعلى اسرتها؟

ويتكرر الاشكال نفسه وبصورة اوضح في العلوم الشرعية؛ فكتاب التربية الاسلامية الموحد في المدارس، ومقررات كلية الشريعة ذات المنهج الواحد، لا يلببان الاحتياجات المتباينة للجنسين. فلو اخذنا علم الفقه مثالا، لوجدنا ان مواضيع مثل صلاة الجمعة، والجماعات، والجهاد، وسير الصحابة الكرام، هي – بحكم تكليف الرجل بها – تهمه بشكل اكبر واعمق. في المقابل، فان تفاصيل احكام الحيض والطهارة، والخلوة، واللمس، وسيرة امهات المؤمنين والصحابيات الكريمات، هي مما يمس حاجة المرأة المباشرة وتفاصيل حياتها اليومية. من المنطقي اذن ان يكون لكل جنس مقرر خاص يغطي ما يختص به، الى جانب كتاب اساسي يتضمن العلوم المشتركة بينهما؛ كاركان الاسلام والايمان والاخلاق العامة. فخلط هذه المواضيع جميعا في منهج واحد يشتت الانتباه، ويضعف التركيز على ما هو ضروري لكل فرد بحسب مسؤولياته.

العدالة الحقيقية تعني "الانصاف" في توزيع المعرفة بما يتناسب مع الفطرة والوظيفة، وليس "التطابق" الاعمى في المناهج. فكما يختلف تأهيل الطبيب عن المهندس، فان اختلاف الادوار المجتمعية بين الرجل والمرأة يستلزم – في جوانب معينة – اختلافا في المعرفة والتأهيل.