مناقشة أول أطروحة بجامعة تونس حول "تدريس العربية للناطقين بغيرها": بحث رائد يرصد الحضور العالمي للعربية ويقترح حلولاً مبتكرة
تونس / خاص
شهدت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس يوم السبت 29 نوفمبر 2025 حدثًا أكاديميًا بارزًا تمثل في مناقشة أطروحة دكتوراه بعنوان: "تدريس العربية في غير بلاد العرب: المناهج والصعوبات والحلول". وتُعد هذه الأطروحة، التي تتناول موضوع "تدريس العربية للناطقين بغيرها"، الأولى من نوعها التي تُناقش في جامعة تونس ضمن اختصاص اللسانيات وحقل اللغة العربية وآدابها وحضارتها. وقد تشكّلت اللجنة العلمية المشرفة والمناقشة من كوكبة من الأساتذة الأكاديميين المتميزين، حيث ترأسها الدكتورة نور الهدى باديس، مديرة مخبر بحوث في الأبنية والتصميم والجماليات، وكان الأستاذ المشرف عليها هو الأستاذ الدكتور المختار كريّم، وهو أستاذ متميز فوق الرتبة والمدير السابق للمعهد الأعلى للإنسانيات بباب سعدون تونس. وضمّت اللجنة في عضويتها كلًا من الدكتور محرز بودية، أستاذ بجامعة منوبة، والدكتور شمس الدين الرحّالي، أستاذ بجامعة تونس المنار، والدكتور شكري السعدي، أستاذ بجامعة تونس.
انطلقت الرسالة من تتبّع شبكة العلاقات التاريخية والثقافية التي ساهمت في تطوّر اللغة العربية وارتقاء مكانتها العلمية واللسانية بين اللغات الكبرى في العالم ووصولها إلى الفضاء الأكاديمي العالي الأجنبي، مُبرزةً دور العنصر التاريخي والاستشراق والترجمة والمكانة الحاليّة في ذلك. كما رصدت حضورها انطلاقًا من بحث لساني جغرافي شامل في الجامعات الأجنبية، تضمن عملية جرد موسّعة شملت البحث في 10162 موقعًا رسميًا للمؤسّسات الجامعية الأجنبية في 174 بلدًا غير عربي. وقد تم بناءً على هذا العمل الإحصائي تقسيم البلدان الأجنبية محور البحث إلى مجموعات استنادًا إلى تفاوت حضور المؤسسات الجامعية فيها، مع تحليل العوامل التي تُفسّر هذا التفاوت وتُحلّل أطره البيداغوجية والتنظيمية، في إشارة إلى ترسّخ مكانة العربية في تعليم اللغات العالي الأجنبي وتوجّهه نحو الانفتاح على المناهج التواصلية والتقنيات الحديثة ودمج العربية في التبادل الأكاديمي الدولي. اهتمت الأطروحة، انطلاقًا من تجربة لسانية ميدانية فرنسيّة، بتحليل المناهج التعليمية ودور البيئة الأكاديمية والممارسة البيداغوجيّة والتفاعلين الثقافي والمعرفي في التكوين اللساني لدى الطلبة الأجانب، واختتمت الرسالة باقتراح مجموعة من الحلول التي يمكن أن تُفيد في تكوين الطلبة، مستندة إلى مرجعيات أكاديمية وعلمية معاصرة وإلى توجّهات مستحدثة في التعليم التواصلي والتعلّم الذاتي الذي بات ممكنًا رقميًا. إذ أكد هذا القسم الذي ركّز على اللسانيات التطبيقية واللسانيات والتعليمية وحوسبة اللغة على أهمية تدريس العربية في السياقات الأجنبية الجامعية ضمن أفق يتجاوز اعتبار العربية لغة تلقين، ويعتبرها لغة معرفة وإنتاج فاعلة.



