دراسة تكشف دروس تشيلية للعدالة الانتقالية في اليمن...

دراسة تكشف دروس تشيلية للعدالة الانتقالية في اليمن...

منبر الاخبار / خاص

أصدرت منظمة سام للحقوق والحريات، بالشراكة مع رابطة أمهات المختطفين وبدعم من معهد دي تي (DT Institute) ضمن مشروع سبارك (SPARK)، دراسة تحليلية بعنوان: "التجربة التشيلية للعدالة الانتقالية وآفاق الاستفادة منها في اليمن عبر دور المجتمع المدني" للباحث عادل دشيلة.

وتناولت الدراسة تجربة تشيلي بعد الدكتاتورية وكيفية توظيف دروسها لبناء مسار عدالة انتقالية في اليمن يضع الضحايا في مركزه ويهيئ لتسوية سلمية قائمة على الحقيقة والإنصاف.

وأوضحت الدراسة أن اليمن شهد عقودًا من الصراعات والانقسامات السياسية والمناطقية التي خلّفت تراكمًا من المظالم والانتهاكات دون مساءلة حقيقية، مشيرة إلى أن جذور الأزمة تعود إلى ما قبل الوحدة، مرورًا بحرب 1994 وحروب صعدة، وصولًا إلى الانهيار المؤسسي في 2014.

وأكدت أن فشل المؤسسات القضائية والأمنية وتسييسها أسهما في غياب العدالة، وأن محاولات الإصلاح السابقة مثل قانون العدالة الانتقالية ومسودة الحوار الوطني لم تجد طريقها إلى التنفيذ لغياب الإرادة السياسية، معتبرة أن العدالة في اليمن قضية بنيوية تتصل بطبيعة النظام السياسي أكثر من كونها مسألة قانونية.

واستعرضت الدراسة التجربة التشيلية في العدالة الانتقالية بعد حكم الجنرال أوغستو بينوشيه، مشيرة إلى أن تشكيل لجنة الحقيقة والمصالحة شكّل نقطة التحول نحو مصالحة قائمة على الحقيقة والاعتراف بالضحايا، وأن المجتمع المدني لعب دورًا محوريًا في توثيق الانتهاكات وجمع الشهادات ودعم مسار المحاكمات.

كما أبرزت الدراسة تجربة برنامج PRAIS في تشيلي، الذي قدّم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية والتعليمية لضحايا القمع وأسرهم، معتبرةً أنه نموذج ناجح لإعادة الاعتبار للضحايا وبناء المواطنة على أساس الألم المشترك.

وشددت الدراسة على أن الاستفادة من الدرس التشيلي في اليمن تتطلب تكييف التجربة مع الواقع المحلي المعقّد، عبر بناء منظومة وطنية للتوثيق والأرشفة، وبرنامج وطني لجبر الضرر يتجاوز التعويض المالي إلى الرعاية الشاملة، إضافة إلى إطلاق مشروع وطني للذاكرة يحوّل مواقع الانتهاكات إلى فضاءات توعوية وتاريخية.

وأكدت الدراسة أن العدالة الانتقالية في اليمن يجب أن تكون عملية مجتمعية مستقلة لا تخضع لحسابات الأطراف المتصارعة، وأن المصالحة الحقيقية لا يمكن أن تسبق العدالة، بل تقوم على كشف الحقيقة وجبر الضرر وبناء ذاكرة وطنية تمنع تكرار المأساة.

واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن العدالة الانتقالية تمثل شرطًا أساسيًا لتحقيق سلامٍ مستدام في اليمن، وأن المجتمع المدني اليمني يتحمّل مسؤولية تاريخية في قيادة هذا المسار بدعم دولي يحترم السيادة الوطنية، مستلهمًا من التجربة التشيلية أن الاعتراف بالألم هو الخطوة الأولى نحو الشفاء الجماعي....