إلى أحرار تعز... لا عدالة بلا تحرر من مشروع الهضبة
من يتابع التطورات المتسارعة بعد جريمة اغتيال الدكتورة إفتهان المشهري، والانتفاضة الشعبية الجريئة لأبناء تعز في وجه سطوة الإرهاب والبلطجة ، يدرك أن مطالب الناس هناك قد تتجاوز مطالب تسليم القتلة، بل ربما تفتح الباب أمام خطوات إصلاح جذرية تعيد لتعز مكانتها وثقلها السياسي والاجتماعي الذي فقدته خلال سنوات من التآمر والتهميش الممنهج .
بحسب أعتقادي أن ماحدث ليس صدفة، بل نتيجة طبيعية لفشل إدارة المنظومة الأمنية والعسكرية التي تأسست منذ البداية على أساس الولاء الحزبي، وليس الوطني وبتخطيط من أعداء تعز الحقيقيين ومن زاوية تاريخية هدفها الاستمرار في إحكام السيطرة على تعز .
أما حول بنيوية المنظومة الأمنية والعسكرية ، فقد تم بإشراف جماعة الإخوان المسلمين ، واحتضنت بداخلها البلاطجة وقطاع الطرق والعناصر الإرهابية، في ظاهرها مقاومة الحوثيين ، وباطنها تحويل تعز من مدينة للعلم والثقافة إلى ساحة خطرة تصدر الشر لأبنائها ومحيطها ، وقد نجحوا إلى حد كبير في ذلك.
وبحسب رواية بعض الأصدقاء في تعز ، أن مايحدث يعتبر جزء من مخطط مشترك تقف خلفه شراكة خفية بين الحوثيين والإصلاح، هدفها إبقاء تعز خارج إطار الفعالية الوطنية ، و في عداوة مع الجنوب، وتحت نظر قوى الهضبة حتى يستكمل الحوثي مشروعه ، وتضيع على أبناء تعز فرصة استعادة كرامتهم المهدورة تاريخياً ، والتحرر من المركز الذي ينظر إلى المواطن التعزي ، مواطن درجة ثالثة.
تخيلوا لو أن تعز اليوم تدار بمؤسسات وطنية حقيقية، وتربطها بجيرانها في الجنوب علاقة انسجام وتكامل ، ربما كانت قد تحررت صنعاء منذ سنوات على أيادي أبناء تعز ، أو على الأقل تحررت تعز ومعها المحافظات التي تقبع تحت وطأة المركز المهيمن عليها منذ قرون.
لكن للأسف، تمكن أعداء تعز التاريخيين من تحويلها إلى أداة هدم، لا لمستقبلها فقط، بل ولمحيطها الجغرافي والسياسي، خصوصا في الجنوب، حتى أصبحت معزولة تماماً عن أي حلقة وصل وطنية كان يمكن أن تسندها في هذه اللحظة العصيبة ، وأهمها الجنوب.
اليوم ... تقف تعز على مفترق طرق ، وقد وضعت الأقدار أمامها فرصة لا تتكرر ، وعلى كل أبنائها أن يشمروا السواعد لمواجهة منظومة الإرهاب والبلطجة، لكن المطلوب ليس فقط القصاص من قتلة الشهيدة المشهري ، بل رفع سقف المطالب نحو التحرر التام من منظومة الهضبة التي تخنق تعز حتى وإن كانت بأدوات محلية.
ولو كتب لهذه الانتفاضة النجاح ، فقد تكون تعز أنجزت أعظم خطوة في تاريخها الوطني وهو التحرر من سطوة القبيلة والسلالة إلى الأبد.
#ناصر_المشارع