المدارس والكليات الأهلية وإجراءات الحكومة اليمنية

احتجاج طلاب كلية العلوم والتكنولوجيا في عدن وإضرابهم عن مواصلة الدراسة يشكل مؤشراً واضحاً على فشل الإجراءات التي اتخذها رئيس الحكومة الدكتور سالم بن بريك. فالمواطن، وفي مقدمته الطالب، لم يلمس أي أثر إيجابي لهذه الإجراءات على حياته اليومية أو مستقبله التعليمي، بل على العكس، زادت الأوضاع سوءاً وتعقيداً.

والسؤال الذي يفرض نفسه: هل استفاد المواطن حقاً من هذه السياسات؟ الإجابة، وبلا تردد، هي لا.

ما جرى لم يكن سوى قفز في الهواء بلا بروشوت، إذ لم تُبنَ الإجراءات الحكومية على أسس اقتصادية سليمة. كان يفترض منذ البداية أن تُربط الأجور والمرتبات بالعملة الأجنبية (الريال السعودي)، بحيث يتناسب الصعود والهبوط الاقتصادي مع ذلك.

خذ مثلاً قطاع التعليم الأهلي عندما تدفع كلية أو مدرسة خاصة راتبًا لموظف بقيمة 200 ألف ريال يمني، فإن هذا المبلغ يعادل اليوم أكثر من 500 ريال سعودي، بعدما كان لا يتجاوز 250 ريالاً سعودياً. و

مع عجز الحكومة المركزية أو المحلية في عدن عن معالجة هذه الإشكالية، تقوم المؤسسات التعليمية نفسها برفع الرسوم الدراسية بالعملة الأجنبية (إلى الضعف)، والخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو المواطن.

 فهو مطالب بدفع رسوم كانت في السابق ما يعادل "ألف ريال سعودي"، بحجة أن الأجور تُصرف بالعملة المحلية المنهارة لا بالدولار أو الريال السعودي.

مدرسة خاصة في المعلا كان رسومها في السابق 600 ألف ريال يمني، الأن أصبحت على المواطن ان يدفع مليون ومائة ألف ريال يمني، أي أكثر من ألفين ريال سعودي.

صحيح أن اغلب ملاك المؤسسات التعليمية الأهلية والخاصة يتسمون بالجشع والسعي وراء مكاسب سريعة على حساب المواطن، لكن المسؤولية الأولى تقع على الحكومة ورئيسها سالم بن بريك، الذي ينفق مئات آلاف الدولارات لتلميع صورته إعلامياً، بينما الواقع يؤكد أنه يدق المسمار الأخير في نعش الاقتصاد الوطني ويعجّل بالمجاعة.

وإذا كانت المدارس الخاصة قد شكلت متنفساً مؤقتاً للتعليم في ظل انهيار التعليم الحكومي، فإن مقاطعتها قد تصبح الخيار المؤلم والوحيد أمام المواطن الغلبان.

أما عن الحل، فمن وجهة نظري، يكمن في التراجع عن مجمل الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، أو إلزام المدارس باعتماد الرسوم وفق العملة الأجنبية قبل الانخفاض الجديد، حتى وإن استلزم ذلك تخفيض رواتب المعلمين والموظفين. فالمعادلة القاسية هنا أن الخيار الثاني أهون بكثير من انتكاسة حكومية وشيكة في قادم الأيام.

أو هناك حل آخر قد يبدو أكثر إتاحة وواقعية، وهو أن تقوم المدارس الحكومية بفرض رسوم رمزية مخصصة لدعم المعلمين، مقابل فتح جميع المدارس الحكومية أمام الطلاب. عندها ستجد المدارس الخاصة نفسها مجبرة على تخفيض رسومها بدلاً من رفعها، وسيكون المواطن مخيَّراً بين أن يدفع مليون ريال في مدرسة خاصة، أو ربع هذا المبلغ في مدرسة حكومية تساهم رسومها المباشرة في تحسين دخل المعلم الذي يعاني الأمرّين.

ويبقى السؤال الجوهري موجهاً للحكومة هل أنتم سلطة حقيقية تبحث عن حلول جذرية، أم أن هذه الإجراءات الواضحة ما زالت بعيدة عن اهتماماتكم؟

#صالح_أبوعوذل