دبلوماسية مع وقف التنفيذ: ياسين سعيد نعمان مثالا

بعد أكثر من عقد من الزمن قضاه على رأس البعثة الدبلوماسية اليمنية في لندن، لم يترك الدكتور ياسين سعيد نعمان سوى أثر باهت على خارطة العمل الدبلوماسي، لا يليق لا بتاريخه النضالي كقيادي اشتراكي أممي، ولا بمكانة العاصمة البريطانية التي تعد واحدة من أهم مراكز القرار الدولي في ما يتعلق بالملف اليمني..

حين عين ياسين سعيد نعمان سفيرا لليمن في لندن، راهن كثيرون على أنه سيحدث فارقا، لم يكن مجرد سياسي عابر، بل من رموز الحركة الوطنية، ومن الأصوات التي طالما تحدثت عن الدولة المدنية، والعدالة، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، لكن الواقع أتى مخيبا للآمال، إذ بدا الرجل خلال سنواته الطويلة في المنصب وكأنه يركن إلى الهدوء والجمود أكثر من العمل، وإلى العزلة أكثر من الانخراط، وإلى التحزب المناطقي أكثر من التمثيل الوطني..

في قلب لندن، حيث تنسج خيوط القرار الأممي بشأن اليمن، كان يفترض أن تكون السفارة اليمنية خلية دبلوماسية نشطة، صوتا لليمنيين، وحلقة وصل مع المجتمع الدولي. غير أن السفير اكتفى بلعب دور المتفرج، وكأن مهمته تقتصر على الحفاظ على كرسيه، لا على الدفاع عن قضايا بلده في المحافل الدولية، ولا حتى على حماية مصالح الجالية اليمنية المتزايدة هناك..

الأخطر من ذلك، أن الدكتور ياسين بدا في السنوات الأخيرة وكأنه يدير السفارة بعقلية قروية لا تليق بسفير يمثل دولة في واحدة من أعقد الفترات السياسية التي تمر بها اليمن، ففي سلوك أقرب إلى الإقصاء والتمييز، قام بمنع ثلاثة دبلوماسيين من ممارسة عملهم داخل السفارة، في حين يصر على بقاء اثنين آخرين رغم انتهاء فترتهم الرسمية واستدعائهم من قبل وزارة الخارجية نفسها، فهل تحولت السفارة إلى إقطاعية شخصية تدار بالعلاقات والمصالح، لا بالقانون والكفاءة؟.

مثل هذه التصرفات لا تعبر فقط عن إخفاق إداري، بل تعكس انحدارا في مفهوم المسؤولية الوطنية، لا يليق بسفير أمضى أكثر من عشر سنوات في واحدة من أهم العواصم العالمية، أن يخرج من تجربته بلا أثر دبلوماسي يذكر، بلا موقف دولي يحترم، وبلا شبكة علاقات تخدم اليمن المنكوب..

لقد تحول السفير من رمز وطني مأمول، إلى حالة إدارية رمادية، تشبه الزمن السياسي الباهت الذي نعيشه، وحان الوقت لأن تعيد الخارجية اليمنية، حتى في ظل ظروفها المعقدة، النظر في مثل هذه التعيينات التي تستهلك الزمن والموازنات، وتفرغ العمل الدبلوماسي من محتواه، وتحول السفارات إلى جزر معزولة تحكمها اعتبارات ضيقة..

إن من يريد أن يحمل اسم اليمن في الخارج، عليه أن يرتقي إلى مستوى التحديات التي تواجهها البلاد، أما من يختبئ وراء تاريخه ليستمد شرعيته، فقد آن له أن يتنحى، فالوطن لم يعد يحتمل المزيد من الجمود ولا من الشللية..