في أوجه العلاقة بين الدين والذكاء الاصطناعي....
•• بوفيسور / قاسم المحبشي ...
هل هناك علاقة بين الدين والذكاء الاصطناعي؟ وما أوجهها؟ وكيف نفهمها؟ وما مستقبلها؟ وغير ذلك من الاسئلة التي أثارتها ندوة البارحة، الأربعاء الموافق ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ في المعهد العالمي للتجديد العربي، وحدة الدراسات الحضارية ومقارنة الأديان. قدمها الدكتور سعد كموني بعنوان"الدين والذكاء الاصطناعي" وعقبت عليه الدكتورة هاجر المنصوري، أستاذة مساعدة بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة-جامعة سوسة، مختصّة في الدراسات الحضاريّة والثقافية والدكتور دال الحتّي، جامعي وناشط مجتمعيّ وخبير في السياسات الوظيفيّة وسوق العمل اللبنانيّ وأمين السرّ ومنسّق قطاع التمكين والإبداع في شبكة التحوّل والحوكمة الرقميّة في لبنان. ادارتها بكفاءة واقتدار الدكتورة، روضة الدرواز، باحثة بمرحلة الدكتوراه في اللغة والآداب والحضارة العربيّة. موضوع جديد وكبير وحساس وخطير. جذبني العنوان فحرصت على المشاركة الفاعلة في الندوة بحافز الأهتمام بالموضوع الذي طالما وقد شغلني من زمن مضي. إذ اتذكر أنني كتبت مقالات ودراسات عن العولمة والإعلام الجديد والإرهاب الرقمي ولاهوت التعايش في زمن منكمش والإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي والتقدم التكنولوجي ومخاطر نزع السحر وغيرها اليكم خلاصة رأيي.
ولما كانت مسألة العولمة والثورة الرابعة اقصد ثورة الانترانت قد اثارت دهشتي منذ عقدين من الزمن بحكم تخصصي في فلسفة التاريخ والحضارة وقد سبق وإنّ قرأت كتاب الثورة الرابعة كما وصفها المفكر الأيطالي الجنسية, لوتشيانو فلوريدي أستاذ فلسفة وأخلاقيات المعلومات في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة ورئيس مجلة الفلسفة والتكنولوجيا في كتابه، الثورة الرابعة؛ كيف يعيد الغلاف المعلوماتي تشكيل الواقع الإنساني. الصادر بالعربية عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية سبتمبر 2017م ترجمة، لؤي عبدالمجيد السيد وافزعني ما قرأته فقد احدث عندي ذلك الكتاب حالة من الصدمة والعصف الذهني جعلني لا أفوت أي فرصة تبيح مزيد من المعرفة عن ثورة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وقد وجدت بان ندوة الليلة تروي بعض ظمائي المعرفي في مجال شديد التعقيد والتحولات والاتساع. فنحن نعيش اليوم أخطر ثورة تحول في التاريخ البشري منذ آدم حتى الآن؛ ثورة ستغير كل شيء في الحضارة البشرية وفي أنماط الشخصية والعلاقات الإنسان والقيم والعادات والتقاليد والأفكار وكل شيء تقريبا بان يهتز ويترنح بقوة اليوم إذ تواجه البشرية قفزة هائلة إلى الأمام، بحسب اولفين توفلر في كتابه صدمة المستقبل " تواجه أعمق فوران اجتماعي، وأشمل عملية إعادة بناء في التاريخ، ونحن اليوم مندمجون في بناء حضارة جديدة متميزة بدءاً من البداية، وإن كنا غير واعين تماماً لهذه الحقيقة وهذا ما نعنيه بـحضارة الموجة الثالثة"( ينظر، قاسم المحبشي، توفلر وحضارة الموجة الثالثة، الحوار المتمدن) بغض النظر عن تأويلات الأزمة، يهمنا التأكيد أن ثمة اتفاق بين معظم الفلاسفة والعلماء على أن المجتمع الإنساني الراهن يعيش لحظة تحول سريعة ومضطربة تصيب الإنسان بالذهول وتتحدى قدراته على الفهم والحكم والتمييز، إذ سرعان ما تأتكل الكلمات في محاولة التعبير عن هذا العالم المنبثق حيث الحركة هي القانون والرجوع إلى الماضي لا يسعف كثيراً في فهم هذا الزمان، فهناك كثير من المستجدات التي توهن العزم على الاستعانة بالمماثلة وأن المشكلات التي تراكمت في أواخر القرن العشرين وانفجرت في مستهل القرن الحادي والعشرين جعلت العالم يبدو للإنسان وكأنه متاهه. فمنذ ثلاثة عقود من الزمن جرت مياه كثيرة في تاريخ العالم بفضل ثورة الذكاء الاصطناعي التي آخذت تجرفنا بوتيرة متسارعة صوب عالم جديد وفريد وغير قابل للتوقع إذ بتنا ندرك على نحو متزايد بان مجرى التحولات الجديدة والتغيرات السريعة قد جردتنا من كل أدواتنا وأطرنا المرجعية التقليدية في التعامل مع هذا الواقع الرقمي الجديد الذي لا سابق للبشرية عبر تاريخها الطويل بمثله أبدا.
نعم ثمة علاقة بين الذكاء الاصطناعي والدين بوصفهما يتصلان بحياتنا المجتمعات البشرية في كوكبنا الأرضي وهذا ما المح اليه سعد كموني بقوله إن الذكاء الاصطناعي " فرصة مثيرة لتحدّي كلّ من الواقع المادي والوعي الإنساني"
فكيف نفهم اوجه العلاقة بين الدين والذكاء الاصطناعي؟ تجدر الاشارة إلى إن العلاقة بين الدين والذكاء الاصطناعي هي علاقة جديدة نسبيًا، لكنها تفتح آفاقًا متعددة؛ تقنية وميتافيزيقية ومعرفية واجتماعية وفي مختلف المجالات الحياتية للكائنات البشرية لأنها تطرح أسئلة عن المعرفة، والخلق، والأخلاق، والمعنى، والسلطة وتحولاتها فالذكاء الاصطناعي هو ثمرة التطور التكنولوجي المضطرد للإنسان العاقل في العصر الراهن بينما الدين والتدين ينتمي إلى العصور القديمة ويشبع حاجات حيوية للإنسان. وبالقياس إلى كل ما جرى من أحداث ومتغيرات في تاريخ العالم واهمها التحول من الطبيعة البيولوجية الفجة إلى الثقافة بوصفة طبيعة ثانية مكتسبة يعد التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أعظم ثورة يشهدها تاريخ الإنسان منذ آدم حتى الآن. إذ" كل شيء سيتغير، الشيء واللاشيء، الأرض والبحر والإنسان واللحم والوقت والمسافة والشجر والفاكهة ولون العيون والسيارة والحسابات والتعليم والعمر والشيخوخة والمطر والمشاعر وأسنان الفم واللغة. كل شيء واللاشيء سيتغيران رأساً على عقب، لقد خرجنا، ولو بشكل جزئي، من الجاهلية، ليست "الجاهلية" كما يفهمها العرب وكما علموها لنا في كتب المدرسة، إنما الجاهلية هنا هي "الجاهلية الميكانيكية" التي طويت ورقتها، إذ بدأ العالم يدخل زمن "الحداثة الرقمية" التي لا مفر منها والتي فيها يتولى الإنسان الجديد غير الجاهلي "صناعة" إلهه بيده، إله يدعو إلى كتابه الذي أمر به هو، كتاب التكنولوجيا الرقمية فيما يتصل بالمعرفة الذكية التي تميز بها الكائن البشري على كوكب الأرض مرت الحضارة الإنسانية بأربعة مراحل أساسية هي: أكتشاف اللغة بوصفها أهم تحول ذكي في صيرورة التاريخ البشري وتمثلت المرحلة الثانية باكتشاف الكتابة بوصفها قدرة الإنسان على تحويل الأصوات المنطوقة إلى كلمات مكتوبة والمرحلة الثالثة تمثلت باختراع يوهانس غوتنبرغ المطبعة حوالي 1440م إذ أصبحت المعرفة أكثر استقرارًا مع المطبعة، فلم تعد معرضة للضياع أو التحريف كما كان الحال مع النسخ اليدوية. وأدى ذلك إلى إمكانية تراكم المعرفة عبر الأجيال، مما أسّس للعلوم الحديثة. أما المرحلة الرابعة فقد تمثلت في ثورة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي التي نعيشها اليوم إذ نعيش أهم وأخطر ثورة تحول ذكي في التاريخ البشري( ينظر، صفحة حبيب سروري، بالفيسبوك)
البارحة في الندوة تحدثت عن مدى تأثير التحول الرقمي وانتشاره في العالم إذ بات أكثر من ستة مليار إنسان على اتصالات بثورة التحول الرقمي عبر الإنترنت ووسائطه المختلفة ف وفقًا لبعض التقديرات، اعتبارًا من عام 2019، هناك 3.84 مليار مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم؛ أيّ ما يقرب من ثلث سكان العالم. من بين هؤلاء، يمتلك 1.55 مليار شخص حسابات و/ أو يستخدمون الفيسبوك Facebook للتواصل الاجتماعي. كما يستخدم حوالي 800 مليون شخص برنامج فيسبوك ماسينجر Facebook Messenger للتواصل مع بعضهم بعضًا. وبالمثل، يستخدم 320 مليون شخص تويتر شهريًا للتواصل و/ أو للحصول على معلوماتهم اليومية، ويستخدم 900 مليون مستخدم حول العالم الواتساب WhatsApp. هذا الاستخدام الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي يجعلها فاعلًا مركزيًا في الثقافة المعاصرة لا يمكن بأي حال تجاهل تأثيره على المستويين المعرفي والوجودي. إذ أن التكنولوجيا الرقمية لم تِحدث فقط تحولاً في العالم، بل تمكنت من خلق عالمها المجازي أيضاً، فأقمار الإرسال التلفزيوني الصناعية اليوم مكنت الناس على طرفي الكوكب من التعرض بانتظام لطائفة واسعة من المحفزات الثقافية وهي تؤثر فعلياً في أنماط وحياة وتطلعات كل الأمم، وهكذا لم تعمل العولمة على خلق عالم موحد، فهي ليست مرادفاً للتعبير (عالم واحد)، بل هي تتجه أكثر فأكثر إلى خلق نظام متشابك لعوالم متصلة، أي مرتبطة فيما بينها. وبهذا المعنى ندرك أهمية ثورة الإعلام الجديد في الاتصالات والمعلومات وتجليها الأبرز “الإنترنت” الذي يفضي على المدى البعيد إلى توسيع أفق الإعلام الجديد والمعرفة الإنسانية وتحريرها وتبادلها وتعميق الروابط الثقافية بين البشر، ويسعى إلى تكوين المجتمع العالمي المعلوماتي الذي يعيد تشكيل واقعنا الإنساني. أحد المتداخلين في ندوة البارحة قلل من الانتشار الكمي الواسع لتقنية للتحول الرقمي اعتقادا منه إن تأثير الذكاء الاصطناعي الأفقي على المستخدمين في العالم لا علاقة له بالدين والدين والايمان والقيم! ولا اتفق معه في ذلك أبدا بل أحيله إلى مقالي ( نزع السحر عن العالم) لا شك أن وظائف الإعلام الجديد قد تنوعت واكتسبت أبعادا جديدة، إذ يرصد بعض الباحثين أربع عشرة وظيفة أو مهمة رئيسة أو فرعية لوسائل الاتصال الجديدة وهي: “مراقبة الناس والتعلم منهم، توسع آفاق التعرف على العالم، توسيع التركيز والاهتمام، رفع معنوية الناس، خلق الأجواء الملائمة للتنمية، يساعد بصورة غير مباشرة على تغيير الاتجاه، يغذي قنوات الاتصال بين الأشخاص، تدعيم الحالة الاجتماعية، توسيع نطاق الحوار السياسي، تقوية المعايير الاجتماعية، تنمية أشكال التذوق الفني والأدبي، يؤثر في الاتجاهات الضعيفة ويقويها، يعمل مدرسا ويساعد في جميع أنواع التعليم، وقد وّلد تطور الحاجات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمعات المختلفة”.
من نافل البيان إن مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكمبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام، والطباعة والتصوير الفوتوغرافي والصوت والفيديو، قد أحدث ثورة كاملة في عالم الناس الراهن بما يمتلكه من وسائل وأدوات وسائط وطرق جديدة كلية في مجال التواصل والاتصال فعلى صعيد البنية التقنية لمؤسسة الإعلام الجديد يمكن تمييز أربعة عناصر أساسية هي:
أولا: شبكة الإنترنت أو ما يسمى بالشبكة العنكبوتية بمختلف تطبيقاتها بوصفها الملمح الثوري الأبرز في الإعلام الجديد، فضلا عن كونها رمز التجديد والجّدة ليس في مجال الميديا الجديدة فحسب بل وللحضارة الراهن، حضارة الموجة الثالثة كما ذهب الفين توفلر.
ثانيا: الأجهزة المحمولة، الجوالات بمختلف أنواعها وتطبيقاتها بما في ذلك أجهزة قراءة الكتب والصحف.
ثالثا: منصات الإعلام التقليدية بعد أن أعيد تجديدها وتطويرها وتأهيلها بما يتسق مع استراتيجيات الإعلام الجديد ووظائفه وأهدافه ومنها الصحافة والراديو والتلفزيون والسينما والقنوات الفضائية المتصلة بالأقمار الصناعية، إذ بات ربع عدد الأقمار الصناعية (13000) حول العالم في خدمة الإعلام الجديد، حيث بلغ عدد القنوات التلفزيونية الفضائية في العالم حوالي (31500).
رابعا: الإعلام الجديد القائم على منصة الكمبيوتر ويتم تداول هذا النوع إما شبكياً أو بوسائل الحفظ المختلفة مثل الاسطوانات الضوئية وما إليها وتشمل العروض البصرية وألعاب الفيديو والكتب الالكترونية وغيرها.
وهكذا يمكن القول إن الإعلام الجديد وتأثيره اليوم قد بلغ كل مكان يقطنه الإنسان في كوكب الأرض عبر ومن خلال شبكة هائلة من الوسائط والطرق والأدوات والقنوات المتزايدة التطور والاضطراد بوتيرة متسارعة بما تتسم به من خصائص وسمات بالغة الجدة والحداثة منها:
1 – الحرية الإعلامية: بمعنى حق كل فرد إنساني وحريته في امتلاك القدرة الإعلامية واستخدمها بكل الوسائط الممكنة بدون رقيب أو حسيب، وبذلك سقطت نظرية (حارس البوابة) التي سادت مجال الإعلام التقليدي في العصور الحديثة، إذ بات بإمكان الأفراد التعبير عن ذواتهم وأصواتهم في الفضاء التواصلي العام بوصفهم فاعليين إيجابيين، وليس مجرد متلقين سلبيين.
2 – التفاعلية: بمعنى القدرة على الاستجابة أو المبادرة التي يقوم بها المستخدم مقارنة بما يقدمه المصدر، على عكس الإعلام التقليدي، حيث كان المستهدفون غير فاعلين بل مفعول بهم، كمتلقين سلبيين للرسائل الآتية من المرسل، مع الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي انتقل المستهدفون إلى فاعلين إعلاميين ومتفاعلين إيجابيين، في عملية حوارية تبادلية حية ومباشرة، كما هو الحال في عملية المحادثة المباشرة بين الأشخاص وجه لوجه.
3 – اللاتزامنية: بمعنى تحرر الفاعلين الإعلاميين من السياق الزمني المحدد سلفا إذ بات بمستطاعهم التفاعل مع العملية الاتصالية في الأوقات المناسبة لهم وبحسب ما تقتضيه حاجاتهم وظروفهم، سواء كانوا مستقبلين أو مرسلين.
4 – المشاركة والانتشار: بمعنى ما ينطوي عليه الإعلام الجديد من ممكنات وآفاق واسعة للمشاركة والانتشار في بث ونشر وتبادل المنشورات على أوسع نطاق من المستهدفين الاجتماعيين لأي فرد يمتلك الوسائط والأدوات الإعلامية الجديدة، حتى وإن كانت بسيطة.
5 – الدينامية والمرونة: بمعنى القدرة على الحركة والسرعة والتحديث والتبديل والتحويل وادماج المواد المنشورة في أكثر من وسيلة وطريقة (النصوص، والصوت، والصورة الثابتة، والصورة المتحركة، والرسوم البيانية ثنائية وثلاثية الأبعاد) فضلا عن قدرة الأفراد على ممارسة فعل التواصل والاتصال من أي مكان كانوا وأثناء حركتهم عبر التليفون المحمول، تليفون السيارة، التليفون المدمج في ساعة اليد، آلة تصوير المستندات وزنها عدة أوقيات، وجهاز فيديو صغير، وجهاز فاكسميل، وحاسب آلي نقال مزود بطابعة.
6 – العالمية: بمعنى أن الإعلام الجديد يفعل في فضاء تواصلي عالمي عابر للثقافات واللغات والمكان والزمان.
7 – الحفظ والتخزين: يتيح الإعلام الجديد للفاعلين الاجتماعيين القدرة على حفظ وتخزين منشوراتهم او مستندات غيرهم واسترجاعها متى شاؤوا، في وسائط متنوعة وفعالة.
8 – التربية والتعليم: إذ أتاحت وسائط الإعلام الجديد لكل المستهدفين من مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية إمكانية التعلم والتعليم والتدريب والتثقيف الذاتي عبر ومن خلال البرامج والمنشورة التي تضخها على مدار الساعة، وهذا ما يسميه اولفين توفلر بـ(تحول السلطة).وهناك عدد واسع من الأبعاد والممكنات التي ينطوي عليها الإعلام الجديد لا يتسع المجال لحصرها، بل نكتفي بالاتفاق مع فرانك كيلش، إن ثورة الانفوميديا قد غيرت العالم وغيرت حياتنا معه. في دراسة أنجزتها قبل سنوات عن العلاقة بين الإعلام الجديد والإرهاب العالمي أوضحت فيها جانب من اوجه العلاقة بين الدين والتدين والذكاء الاصطناعي إذ أشرت إلى إن تزايد الأعمال الارهابية في السنوات القريبة الماضي واكتسابها صبغة عالمية وذلك بعد ثورة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي الذي ساعد على مدى شيوعه واشتعاله وانتشاره بدلا من التقليل منه ومحاصرته، وذلك ناجم عن أسباب كثيرة منها (عدوى العنف ) وقدرته على استثارة الغرائز العدوانية عند شرائح واسعة من الجماعات المحبطة "فلئن كان الشعور بالإحباط أحياناً ذو عواقب إيجابيّة إذ يمكنه، على سبيل المثال، دفع الأفراد للتغلّب عليه وتحقيق تطلّعاتهم؛ إلاّ أنّه قد يؤدّي أيضاً إلى الشعور بالاستياء والاعتقاد بأنّهم يستحقّون أفضل ممّا هم عليه، وهو ما يمكن أن يخلق قوّة مدمرّة.
قد يغدو الأمر أكثر خطراً حين تتجمّع هذه الإحباطات الفرديّة وتلهم حركة دعويّة يمكن أن تكون عنيفة بفعل حركة المقاومة التي قد تجابهها من النظام الاجتماعي السائد"ويقترح الباحثان يوهان غالتونغ وجاك لينش، التمييز الدقيق بين طريقتين للأعلام والعنف، (منحى " العنف النصر" أو منحى "النزاع السلم"
مع الإعلام الجديد ظهر الإرهاب الجديد ، إرهاب اخطبوطي عنكبوتي متعدد الشبكات والابعاد والأدوات والفاعلين والافعال ، ومعنى الإرهاب الجديد هنا لا يقتصر على الإرهاب الالكتروني وجرائم الانترنت كما قد يفهم بل يعني أيضا استخدام الإرهاب التقليدي لممكنات ووسائط الإعلام الجديد لترويج وتخطيط وتنفيذ مشاريعه الإرهابية التقليدية بطرق ووسائل وأساليب وأدوات جديدة وغير مألوفة في كل مكان من مواطن الإنسان كما سوف نرى أنفاً. إذ ظهر الارتباط بين الإنترنت والإرهاب بشكل واضح بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وانتقلت المواجهة ضد الإرهاب والإرهابيين من المواجهة المادية المباشرة إلى المواجهة الإلكترونية، وتحولت الحروب الواقعية إلى حروب رقمية، وأصبح الإنترنت من أشد الأسلحة فتكا وهدما إذا ما استُخدم لأغراض سيئة وتحقيق نوايا إرهابية. اذ يعد الإرهاب الإلكترونى من أخطر أنواع الإرهاب في العصر الحاضر ، نظرًا لاتساع نطاق استخدام التكنولوجيا الحديثة في العالم ، وهو الأمر الذي دعا 30 دولة إلى التوقيع على “الاتفاقية الدولية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت”، في بودابست، عام 2001 م ، والذي يُعد وبحق من أخطر أنواع الجرائم التي ترتكب عبر شبكة الإنترنت ، ويتضح هذا جليًّا من خلال النظر إلى فداحة الخسائر التي يمكن أن تسببها عملية ناجحة واحدة تندرج تحت مفهومه...