يا عِرَّةَ الرجال، دعها.. إنها تحب غيرك

يا عِرَّةَ الرجال، دعها.. إنها تحب غيرك

كتب| أحلام القبيلي


جميع من كتبوا عن قصص الحب العذري لم يتطرقوا إلى أمر في غاية الأهمية، هكذا أراه أنا.


لم أتعجب من شدة حب العذريين، وما آلت إليه أحوالهم من بؤسٍ وحزنٍ وعذابٍ وعناءٍ وجنونٍ وموتٍ، فالحب يفعل كل ذلك.

لكني تعجبت من أشخاص ذُكروا في هذه القصص، لا أدري إلى أي جنسٍ ينتمون، وإلى أي صنفٍ يُنسبون؟

زوج ليلى العامرية، حبيبة قيس بن الملوح.
زوج بثينة، حبيبة جميل.
زوج لبنى، حبيبة قيس.
زوج عزة، حبيبة كثير...

هؤلاء الذكور – وأقول "ذكور" لأنهم لا ينتمون لجنس الرجال مطلقًا – كيف ارتضوا بالزواج من نساء اشتهرن بعشقهن لرجالٍ آخرين؟
أين غيرتهم؟!
أين الرجولة؟!
أين المروءة؟!
الغيرة هي تاج الرجولة، وسُلطان الهيبة، وأهم، أهم، أهم علامات الحب الصادق .

قالوا:
"المرأة التي تحب غيرك، لا تستحق أن تسكن قلبك، فضلًا عن أن تسكن بيتك."


وحتى المرأة، بطبيعتها، تكره زوجها وقد تطلب الطلاق منه إن شعرت فقط أنه مال بقلبه لغيرها، وأحيانًا تفعل ذلك لمجرد الشك.

فما بال هذا الهُطَيْلة، النُطَيْلة، عِرَّة الرجال، المتردية والنطيحة، يرضى أن يتزوج امرأة عاشقة، ولهانة، متيمة، سكرانة برجل قد شغفها حبًّا؟!

الرجال الأسوياء لا يقبلون بذلك، ولا يرضونه، بل لا يسمحون حتى بمرور هذا الخاطر في أذهانهم.


يقول أحدهم في غيرته:

* أغارُ عليها من أبيها وأمّها،
ومن خُطوةِ المسواكِ إن دارَ في الفمِ.
وقال اخر:

* أغارُ إن قبّلتكِ الريحُ صدفةً،
فكيف إن مرّت بكِ الأحداقُ؟

وعبر نزار عن غيرته قائلا:

* أغارُ عليكِ من أحلامكِ، من لهفتكِ،
إن كلّمتِ سواي، أغارُ عليكِ من وسادةِ نومكِ،
ومن خطّ يدكِ، ومن صوت الناي.


ولله درُّ بهاء الدين بن زهير حين قال:
كَلِفتُ بِشَمسٍ لا تَرى الشَمسُ وَجهَها،
أُراقب فيها ألفَ عينٍ وحاجبِ

أَغارُ على حرفٍ يكونُ من اسمِها
إذا ما رَأَتهُ العينُ في خطِّ كاتبِ.


ويُحكى عن أعرابي في الجاهلية زُفّت إليه عروسه على فرس، فقام وقتل الفرس!
ولما سُئل عن السبب، قال:
"خشيت أن يركب السائس مكان جلوس زوجتي، ولا يزال مكانها دافئًا."


هكذا تكون الغيرة!
الرجل، بطبيعته، لا يرضى إلا أن يكون الأول في قلب من يحب، والأكمل في نظرها، والأجمل في عينها.
فإن شعر بغير ذلك، انكسرت فيه أشياء لا يُجبرها اعتذار، ولا يُرممها عذر.


وقد وصف الله سبحانه وتعالى نساء الجنة بأنهن قاصرات الطرف، أي غاضّات الأعين، قصرن طرفهن على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم، ولا يُردن سواهم.


ويظل "الديوث" و"الدياثة" أسوأ ما يوصف به الرجل في الحاضر والماضي.

وما أسخف، وأنْتن، وأقبح قول ذلك الشاعر المعاصر:

تحب غيري 
ثلاثة،
 أربعة، 
خمسة، 
لهم الإحساس... وأنا لي ثناياها!

الرجولة الحقيقية لا تكمن في كسب جسد امرأة، بل في كسب امرأة تُحبك، وترى فيك رجلها الوحيد.