الحو,,ثي... ذراعٌ إيرانية بأظافر بلاستيكية!...

فتحي أبو النصر 

كما لو في عرض مسرحي يبدو مقتبسا من مشاهد "دراما فارسية"، يخرج علينا مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة أنصار الله، ليعلن – من خلف ميكروفونات سبأ اليوم– أن "النار ستصل إلى الجميع"، في حال مست أمريكا طهران بسوء. 
ولا نعرف على وجه الدقة إن كان المشاط يتحدث عن صواريخ جديدة من التي منحتها لهم إيران عبر الغواصات أم عبارات نارية منزوعة الدسم، لكن من الواضح أن الظ.حوثي قد تحول رسميا إلى ناطق رسمي باسم الحرس الثوري الإيراني!

على إن تصريحات المشاط الأخيرة لا توحي بحماسة سياسية ولا مبدأ ديني ولا حتى ثأر عربي قديم، بل تشي بشيء أقرب إلى "قلق المراهق حين يُسجن شقيقه الأكبر". 
إذ يبدو أن الجماعة تعاني من رعب وجودي حقيقي، مصدره احتمال تهاوي نظام الملالي، الراعي الرسمي لأنصار الله والمنصة الأيديولوجية التي تبرر لهم كل هذا الجنون العسكري والجباية والتسلط.ووو

والحق يقال إن الح..وثي اليوم يريد أن يكون "حزب الله الجديد"، لكنه نسي أن الحزب في لبنان بنى شبكته من السلاح على خلفية صراع طويل ، بينما جماعة صنعاء تكتفي بقصف السفن التجارية، والتباهي بإرباك ممرات الملاحة دون أن تلحق ضررا يُذكر. 

وكل ما في الأمر أنها تتسبب في رفع أقساط التأمين البحري... هذا أقصى ما أنجزه "اللغم البحري" اليمني.

..طبعا يهدد المشاط بأنه سيرسل مذكرة للأمم المتحدة "لتحذيرها من استعداد بعض الدول لدعم العدوان على إيران"، وكأن المجتمع الدولي يستيقظ كل صباح على فنجان قهوة ومذكرة من الح..وثي. 
لكن من كان يتوقع أن تتحول صعدة إلى غرفة عمليات ديبلوماسية دولية؟ إنها فعلا مفارقة لا تقل عبثية عن مطالبة اللص بإصدار أمر قبض على الشرطة.

من جانب آخر، يبدو أن هناك من لا يزال يتوهم بأن طهران سترسل طائراتها إلى صنعاء إن سقطت القذائف على رؤوس الملالي. لا، يا سادة، طهران بالكاد تحفظ ماء وجهها في شوارع طهران نفسها، بعد أن تحولت من مشروع توسع إقليمي إلى مجرد نظام يترنح تحت العقوبات والاحتجاجات والمقاطعة، بل وحتى ملل حلفائه من رطانته الثورية.

بمعنى أدق فإن تصريحات ال..حوثي ليست إلا محاولات يائسة لتأكيد الوجود في معادلة إقليمية تتغير دون إذنه. فصفقة اليمن التي تمت في مسقط بين أمريكا وطهران دون الرجوع إليه كانت بمثابة صفعة سياسية مدوية. 
فأن تكون ذراعا وتُختصر من المعادلة، فذلك يعني أن الطرف الذي يحركك بدأ يعيد ترتيب أدواته. والمؤسف أن الح..وثي لا يزال يظن نفسه في قلب المسرح، بينما أُطفئت عليه الأضواء منذ زمن.

فيما الواقع أن الجماعة لم تكن يوما مشروعا وطنيا، بل مجرد وكيل حرب بتكلفة منخفضة، وحين تتهدد حياة الكفيل، يبدأ الوكيل بالصراخ والتهديد والدعاء على الآخرين. إنه منطق "إذا غرق أبي، أغرقوا الجميع معي".

ولعل الجانب الأكثر إثارة للشفقة هو أن كل هذه الضوضاء الحربية لا تتوازى مع أي تحسن في أوضاع الناس في مناطق سيطرة الجماعة. لا كهرباء، لا ماء، لا رواتب، ولا حتى شعور بأن هناك دولة.
 ما هنالك فقط "شعار الموت لأ..مريكا. الموت لاس..رائيل" مكتوب بحماس فوق جدران مدارس خاوية، ومكبرات صوت تحذر من "خطر العدوان" بينما العدوان الحقيقي هو في جباية الأموال ونهب المساعدات وإطالة الحرب عمدا.

كذلك فإن الحديث عن "كل الطرق المشروعة" لمواجهة أي تحرك ضد إيران، يُثبت أن الح..وثي لم يتعلم شيئا من دروس سوريا والعراق ولبنان. 
فعندما تتكسر المظلة الإيرانية، لن تجد الجماعة أمامها سوى المطر، والمطر في هذه الحالة ليس ماء، بل سخطا شعبيا وتحالفات محلية باتت تفهم اللعبة جيدا.

ولذلك، يبدو أن ال..حوثي في لحظة تشبه لحظة الكومبارس حين ينسى دوره ويصر على خطبة طويلة.
 لكنه ينسى أن المخرج – أي إيران – قد يقطع الكهرباء في أي لحظة.!

والمشهد القادم؟ ننتظر سقوط الستار..

لكن صدقوني إن مهدي المشاط لا يتحدث كـ"رئيس سياسي لعبدو الح..وثي"، بل كمندوب مبيعات في شركة متهالكة تُدعى إيران، يروج لبضاعة الكراهية والتطييف ويغلفها بورق ديني وطني. 
ففي خطابه الناري، لا يرى اليمن، لا جوع أطفالها، لا خراب بيوتها، لا أنين مرضاها... يرى فقط طهران.
وما لا يدركه – أو لا يريد أن يدركه – أن اليمن ليست بندقية مستأجرة، ولا منصة صواريخ مؤقتة في معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل.و كل قذيفة صاروخية يطلقها بالنيابة، تعود على اليمن نزيفا.
ويا مشاط، "موقفك الأخلاقي" لا يطعم جائعا، ولا يرمم مدرسة، ولا يصنع سلاما.
وإن احترقت إيران، فلن تنجو أنت من رمادها.
الخسارة، كلها، ستلحق باليمن... وليس بطهران.!

..المضحك المبكي أن مهدي المشاط يحمل رتبة "مشير"!
مشير على ماذا؟ على طوابير الغاز؟ أم على جبهات خاوية حتى من الرواتب.
لكنها رتبة من ورق في دولة بلا جيش وطني ولا دولة أصلا!
ههعع... حتى النياشين صارت نكتة، تُمنح لتأبين ما تبقى من عقل. في دولة المليشيات...