مـن أجل قـضاء مواكـب للعـصر"رسـالة إلى رئيس مجـلس القضاء الأعلى ووزير العـدل"
في زمـن تتسارع فيه المتغيرات القانونية والتشريعية على المستوى الدولي، وتتشعب فيه أنماط الجريمة وأساليب التقاضي، لم يعد كافيًا أن يعتمد القاضي على ما اكتسبه من معارف أثناء دراسته الجامعية أو خلال سنوات خدمته الأولى في السلك القضائي.
لقـد بات لـزامًا على المؤسسة القضائية، أن تُعيد النظر في آليات تأهيل القضاة وتطويرهم المهني المستمر، وبخاصة في ما يتعلق بالقوانين المستحدثة كـ"القانون الإلكتروني، وجرائم الفضاء السيبراني، ومكافحة غسل الأموال، وقوانين حقوق الإنسان، والقوانين الاقتصادية والمالية العابرة للحدود".
ومـن هـنا؛
نرفـع هذه الرسالة إلى معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى، وإلى معالي وزير العدل، مؤكدين أن تحديث المنظومة العدلية يبدأ من تحديث أدوات القاضي نفسه، ولا سبيل إلى ذلك إلا من خلال برامج تدريبية مؤسسية، منهجية، ومستدامة، تواكب التطورات التشريعية والفقهية، وتستفيد من خبرات الداخل والخارج.
لقـد أثبت الواقع العملي، أن كثيرًا من الأحكام القضائية تواجه تحديات عند التطبيق؛ ليس لقصور في فهم القاضي للوقائع، بل لافتقاره إلى خلفية تشريعية دقيقة في مجالات حديثة لم تكن معروفة سابقًا.
فـهل نلـوم القاضي؟ أم نلـوم المؤسسة التي لم توفّر له الأدوات المعرفية الكافية؟
إن ما نحتاجه - اليوم - ليس مجرد "ورش عمل تقليدية"، بل معاهد عدلية فعالة، تتيح للقاضي العودة إليها بشكل دوري، وتمنحه فرصة التفاعل مع قضايا جديدة وتحليلها وفق أحدث ما توصلت إليه القوانين والنظريات القضائية المعاصرة.
إن العـدالة لا تتحقق بنص القانون فقط، بل بفهمه العميق، وتأويله المتجدد، وتطبيقه الواعي، وكل ذلك لا يتأتى إلا بقاضٍ مثقف قانونيًا، متسلح بمعرفة حديثة، مدعوم بتكوين علمي مستمر.
في الاخير؛
إن هـذه الرسـالة ليست انتقادًا، بل دعوة مخلصة للإصلاح، نابعة من إيماننا بدور القضاء في بناء دولة القانون والمؤسسات.
فلنمنح القضاة ما يستحقون من تدريب وتأهيل، حتى يمنحونا عدالة جديرة بهذا الوطن.
والله من وراء القصد،،
د. هـاني بن محمد القاسمي
أ. مشارك د. في القانون الجنائي المـعاصر
مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية
عـدن: 11. مايو . 2025م