أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل
يروى أن أعرابياً كان يرعى إبل أهله، عندما أغار عليه مغيرون، فأوجعوه ضرباً، حتى سلم لهم الإبل.
ولما ذهبوا بالإبل قعد يسبهم ويشفي غليله فيهم بالشتيمة.
ولما عاد لأهله سألوه عما جرى له، وقالوا: أين الإبل؟
فقال بانتفاخة فارغة: أوسعتهم سباً، وأودوا بالإبل.
لا بأس، يرى بعض المفكرين أن الشتيمة إحدى طرق المقاومة، والدفاع عن النفس.
ثم ماذا؟
كان متوقعاً أن يطل عبدالملك الحوثي من مخبئه، ولكن عبر الشاشة، ليقول للجمهور: انتصرنا.
كيف؟
لا يهم.
المهم أنه لم يُقتل في مخبئه.
قال الحوثي: إنهم أطلقوا عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة على دولة الاحتلال الإسرائيلي.
جميل: ما هي النتجية؟
ليس لعمليات الحوثي أي أثر في تخفيف وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة.
وإذا كانت نتيجة عمليات الحوثي صفرية، وهو قبل غيره يعلم ذلك، فإن الهدف المتوخى من تلك العمليات يكون عندئذ دعائياً بامتياز.
وهذا تحصل عليه الحوثي، فهنيئاً له!
جاء في الحديث أن رجلاً سيلقى ربه، ويسأله عن عمله، فيقول: أمرتَ بالجهاد فجاهدت في سبيلك، قال: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ولكنك جاهدت ليقال هو جريء - يعني شجاع - وقد قيل ذلك".
ما الداعي للخوض في الدين؟!
دعونا نتكلم فقط في السياسة…
دعونا لا نظلم الرجل، لا ينبغي أن نغفل عن الحفرة التي حفرها بالقرب من مطار بن غوريون.
الحفرة التي كان ثمنها منجزات الجمهورية من 1962 وإلى اليوم.
المهم: قال الحوثي إن أمريكا وإسرائيل فشلتا في مواجهة القوة العسكرية لجماعته.
والحقيق - دون رتوش - أنه يكذب، لأن قواته فشلت في منع القوات المهاجمة من تدمير موانئ الحديدة ورأس عيسى ومصانع اسمنت باجل وعمران ومحطات كهرباء الحديدة وصنعاء، ناهيك عن حماية مئات من مخازن أسلحته التي رآها الجميع تتفجر لساعات طويلة.
طبعاً، الذين ترونهم على الشاشات يقولون: لن نهتم حتى ولو دمروا اليمن كله. هؤلاء ظلوا يبكون مقتل الرئيس الإيراني، أياماً طويلة، وأعلنوا الحداد عليه أسبوعاً كاملا. فقط كي نعلم أن اليمن عندهم مجرد كبش فداء لإيران، ومصد يصُد أي هجوم على إيران، وهذا هو الهدف الأساس.
ما علينا…
دعونا فقط نذكر الحوثي بتعهداته بعدم وقف الضربات على الملاحة البحرية حتى يتوقف العدوان ويرتفع الحصار عن غزة.
وهذه قصة أخرى.
أما الحقيقة فهي أن الحوثي استسلم للأمريكان، والتزم بعدم التعرض للسفن، وغداً تمرّ السفن، وتذهب إلى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دولة الاحتلال.
والأدهى أن "هاري ترومان" ستتجول في الأنحاء، بعد أن صدقنا الحوثي بأنه أغرقها، حسب رواية، أو أخرجها عن الخدمة، حسب رواية أخرى.
والحقيقة المرة أنه لم تكن هناك حرب بين الحوثي والأمريكيين، كل ما في الأمر أنهم ضربوه حتى اكتفوا، ثم خرج ليتفاخر بأنه حارب أمريكا.
حبل الكذب قصير، والنصر الذي خرج الحوثي يتحدث عنه يشبه نصر حزب الله في لبنان.
ضربوه حتى ملوا من ضربه ثم تركوه بعد أن حققوا أهدافهم، وعندما توقفوا قال: انتصرت.
هؤلاء، حتى مدلولات الكلمات يغيرونها، حتى قواميس اللغة يحرفونها، لتخرج هزيمتهم - وهزيمتنا معهم للأسف - في ثوب نصر ، نصر شفهي، نصر كفقاعة صوتية كبيرة يفجرها الحوثي سباً وشتماً لأمريكا وإسرائيل، على طريق أخينا الأعرابي:
أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل…
ولا حول ولا قوة إلا بالله.