وثيقة ما تسمى بـ"الشرف القبلي": بيعة بالإكراه ووقود لحرب الح'وثي القادمة

منبر الأخبار:خاص
فؤاد قائد جُباري : ما تسمى بـ"وثيقة الشرف القبلي" التي تروج لها مليشيا الحوثي هذه الأيام في مناطق سطوتها ليست سوى صيغة قسرية لانتزاع البيعة والولاء المطلق من أبناء القبائل في تلك المناطق: بأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ودمائهم، لصالح مشروعها الطائفي ذي النزعة السلالية، تحت لافتة "مواجهة أمريكاو إسرائيل".
هذه الوثيقة تمثل محاولة ممنهجة لدفع القبائل نحو إعلان الإذعان والطاعة الكاملة والمطلقة للجماعة؛ ليس فقط كمجرد انتزاع دعم سياسي أو عسكري؛ بل كخضوع شامل يُفرض بالقوة والضغط الاجتماعي، وتحت لافتات "النكف القبلي" و"البراء من عملاء أمريكا وإسرائيل" وفقًا لخطاب الجماعة؛ إنها محاولة لتدجين وتحويل القبائل إلى أدوات قمع ووقود حرب، كما حصل مؤخرًا في جبهة يافع. الأخطر من ذلك، أن الجماعة تسعى إلى إعادة تشكيل الهوية والانتماء القبلي في الشمال، وسحق أي صوت معارض أو حيادي، حتى داخل الأسرة الواحدة، ما يخلق بيئة خصبة للانقسام الاجتماعي والتفكك الأسري وسحق القبائل ببعضها، في المقابل يؤسس لنظام طاعة جماعية قسري لا يعترف إلا بولاء مطلق لهذه الجماعة.
ندرك تمامًا أن هذه التحشيدات والولاءات لا تعبر عن قناعة شعبية حقيقية، بل تنتزع بالإكراه وتفرض تحت وطأة التهديد؛ فالمواطن في تلك المناطق لا يملك حق الرفض، لأن من يرفض يُتهم بالخيانة، وقد يُسحل أو يُعتقل أو يُعدم على مرأى ومسمع الجميع. الغالبية ممن يحضرون هذه التجمعات يفعلون ذلك مرغمين، وتحت وقع الترهيب، لا طوعًا ولا اقتناعًا؛ بل خوفًا ورعبًا من بطش المليشيات.
ما يجري اليوم في مناطق ومحافظات شمال اليمن لا يشكل خطرًا يخشى على الجنوب منه - فخطوط دفاعنا واضحة وقدرتنا على صد أي عدوان غير قابلة للنقاش - بل كارثة أخلاقية وإنسانية تفتت النسيج الاجتماعي لأبناء تلك المناطق، وتُمهد لانقسامات طويلة الأمد، وتمزيق لروابط الدم والمكان لتذبح القبائل بسكين هويتها، تليها موجة من حملات التخوين والسجون والإعدامات تحت هذه اليافطة.
السكوت عن هذه الممارسات من قبل القوى الشمالية التي تدعي مناهضة الحوثي يعد خيانة، والتصدي لها سياسيًا وإعلاميًا واجتماعيًا واجب وطني، إن كانوا يحبون وطنهم كما يدعون!