لنعـمل من أجل وطـن خـالٍ من الفـساد "اليمن بين الانهـيار وفرصة الإنـقاذ".
الفـساد لا يُقتل بالسلاح، بل بالوعي والعدالة؛ فالأوطان لا تنهار بالحروب - فقط - بل بصمت الشرفاء.
في بلـدٍ أنهكته الحرب الممتدة منذ سنوات، لا يبدو الفساد مجرد ظاهرة عابرة أو سلوكًا فرديًا، بل تحول إلى منظومة متجذرة تتغذى على غياب الدولة، وتُسهم في تفكيك ما تبقى من مؤسساتها.
يقـف اليمن - اليوم - أمام مفترق طرق؛ إما المضي في طريق الانهيار الكامل، أو استعادة الأمل وبناء وطن يتسع للجميع، خالٍ من الفساد والعبث.
منذ انـدلاع الحرب، وُضِعت الكثير من الملفات على طاولة المفاوضات "السياسية، الأمنية، والإنسانية"؛ لكن بقي "ملف الفساد" في الهامش، رغم كونه جذرًا مشتركًا في معاناة اليمنيين، فهل الفساد في اليمن مرض مزمن أم صناعة ممنهجة؟
تعـددت مظاهر الفساد؛ من نهب المال العام، وبيع المناصب، وتمرير الصفقات المشبوهة، إلى الاستحواذ على المساعدات الإنسانية، وتحويلها إلى أدوات نفوذ سياسي.
فالفـساد في اليمن؛ لا يقتصر على طرف واحد، إنه واقعٌ ممتد من أعلى هرم السلطة حتى أدناها، ومتغلغل في القطاعات المدنية والعسكرية على حد سواء، لدرجة بات فيها الشرفاء استثناءً، والسكوت عن الفساد سياسةً مُعلنة، لا موقفًا شخصيًا.
وفي ظـل هذا الواقع، المواطن البسيط هو من يدفع الفاتورة اليومية، فالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم باتت شبه معدومة، المرتبات متوقفة أو منقوصة، والمساعدات الدولية لا تصل بالشكل المطلوب بسبب الفساد الإداري والمالي، شبابٌ بلا فرص، ومرضى بلا دواء، وطلاب بلا تعليم، بينما ينعم الفاسدون في أبراج السلطة والمال.
الطريـق نحو يمن خـالٍ من الفساد ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلاً، فالبداية تكون بإعادة تفعيل الأجهزة الرقابية، وتحييد القضاء عن الصراعات، ووضع حد للإفلات من العقاب.
كما أن الإعـلام الحر والمجتمع المدني، لهما دور محوري في كشف التجاوزات ومساءلة المسؤولين.
والشباب اليمني الذي يقود حـملات رقـمية على مواقع التواصل ضد الفساد، يمكن أن يكون نواة حقيقية لحراك وطني شامل و واسع.
رسـالة إلى كل يمني "لا تصمت، لا تتواطأ، لا تيأس"؛ فالسكوت عن الفساد جريمة في حق الوطن، واليأس منه هزيمة قبل أن تبدأ المعركة.
كل مـواطن هو رقـيب، وكل موظف نزيه هو جندي، وكل كلمة حق تُقال هي سلاح في وجه العبث.
عـليه؛ لنعمل معًا - من أي موقع كنا - على بناء يمن نظيف، لا يُدار بالصفقات، بل يُحكم بالعدالة.
صحـيح؛ قد نختلف في السياسة، في الانتماء، في الرؤية، لكننا جميعًا نتفق على أن الفساد هو العدو المشترك، فلنعلنها صرخة مدوية "كفى فسادًا، كفى عبثًا، نريد وطنًا حقيقيًا يحترم كرامة الإنسان ويمنح الأمل لأجيال قادمة".
أ. مشارك د.هـاني بن محمد القاسمي
مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية
عـدن: 25. أبريل .2025م
.