لماذا يكرهون خالداً؟

كتب | عبدالكريم عمران
يعتقد الشيعة أن ارتداد القبائل عن الإسلام في الجزيرة العربية بعد وفاة النبي ﷺ كان يمثل ثورة شعبية شرعية ضد مخرجات السقيفة، التي يرون أنها لم تكن إلا انقلابًا واغتصابًا للولاية، أي حق علي، من خلال اختيار المجتمعين في السقيفة لأبي بكر الصديق خليفةً للمسلمين.
ولهذا، يكرهون السقيفة ومن حضرها من المهاجرين والأنصار، وعلى رأسهم خير الأمة بعد نبيها: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وكبار الصحابة، لاعتقادهم أنهم أنكروا الوصية المزعومة وأخذوا حق علي ومنحوه لغير مستحق.
وكذلك، فإنهم يكرهون كل قادة حروب القضاء على الردة، والتي كانوا يعوّلون عليها في إسقاط السقيفة ومن اختاره أهلها، وإعادة الحق إلى صاحبه (حسب اعتقادهم). وأشدّ من يكرهون من قادة حروب الردة هو القائد العظيم، سيف الله المسلول خالد بن الوليد، الذي كان له ولجيوشه الدور الأكبر في سحق جحافل المتمردين المرتدين في معارك كبرى عديدة، أبرزها معركة بزاخة، ومعركة ظفر، ومعركة البطاح، ومعركة اليمامة، ومعركة حديقة الموت. وقد حقق انتصارات حاسمة بفضلها تم القضاء على حركات الردة، وإخماد تمردهم، وإعادة تحقيق الوحدة والاستقرار للدولة الإسلامية في الجزيرة العربية، التي كادت أن ينفرط عقدها، وإعادة السيادة فيها إلى خليفة رسول الله، الصديق، في المدينة المنورة.
بالإضافة إلى ذلك، قاد خالد الجيوش الإسلامية التي انطلقت بعد إعادة الاستقرار إلى الجزيرة العربية لفتح بلاد فارس، فتمكّن رضي الله عنه من تحرير العراق عبر قيادته لعدة معارك شهيرة ضد الجيوش الفارسية، فانتصر فيها جميعًا وألحق بالفرس هزائم ساحقة، في معارك: ذات السلاسل، والمذار، والولجة، وأُلِّيس، وفتح الحيرة، ومعركة فتح الأنبار (ذات العيون)، وعين التمر، وفتح دومة الجندل، ومعركة الفراض، وغيرها من المعارك التي أدت إلى فتح العراق. ثم جاءته الأوامر من الخليفة أبي بكر بالتوجه إلى الشام لفتحها، فحقق فيها انتصارات عظيمة في معارك عديدة، أهمها: فتح بصرى، وأجنادين، ومعركة فحل - بيسان، ومرج الروم، واليرموك.
وهكذا، لم يكن خالد بطلاً عاديًا، بل كان قائدًا من أعظم قادة الإسلام، الذين سطروا تاريخهم ببطولات عظيمة وإنجازات تاريخية أورثته مجدًا وعزًا وفخرًا لدى المسلمين، وحقدًا وبغضًا في صدور كل من تضرر من تلك البطولات، وفقد مكانته، وسُحقت أحلامه، وديست تحت سنابك الخيول أوهامه.
لهذا يكرهون خالدًا، لا لمنقصة فيه، وإنما لعظمته وبطولاته التي حققها على حساب مشاريعهم الصغيرة وأحلامهم الوردية، والتي طغت على تاريخهم، الذي ليس فيه إلا مبارزات فردية لأشخاص عاديين، وعنتريات وهمية على أبواب وشبابيك حصون لا وجود لها في التاريخ.
هذا كل ما في الأمر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حب الشيعة وبغضهم، وصداقتهم وعداوتهم، والولاء والبراء عندهم، مدارُه على موقف الناس من كذبة الاصطفاء والولاية؛ فمن آمن بالاصطفاء والولاية فهو عندهم خير البرية، ومن لم يؤمن بذلك فهو عندهم شر البرية!