المرأة التهامية بين التهميش والإقصاء: معاناة مستمرة في ظل التجاهل المحلي والدولي...


تعاني المرأة التهامية في اليمن من تهميش وإقصاء ممنهجين على كافة المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية. ويعود هذا التهميش إلى عوامل متراكمة، بعضها مرتبط بالتمييز التاريخي ضد تهامة وسكانها، وبعضها ناتج عن السياسات الحكومية المتعاقبة، بالإضافة إلى تجاهل المجتمع الدولي والشركاء الدوليين لمعاناة المرأة التهامية...

 ومع سيطرة ميليشيا الحوثي على تهامة، تفاقمت هذه الأوضاع، مما جعل الإقصاء والتهميش وكأنه قدر محتوم على المرأة التهامية. تعاني المرأة التهامية من قيود اجتماعية صارمة تحد من دورها في المجتمع، حيث يفرض عليها واقع اقتصادي متدهور وتعليم متدنٍ، مما يقلل فرصها في التمكين والاستقلالية. كما أن العادات والتقاليد تعزز النظرة الدونية تجاهها، مما يحصرها في أدوار تقليدية ويمنعها من المشاركة الفاعلة في مختلف المجالات. من الناحية الثقافية، يتم تهميش الهوية التهامية، بما في ذلك تاريخها ولهجتها وعاداتها، مما يؤدي إلى طمس موروثها الثقافي..

لا يتم تمثيل المرأة التهامية في وسائل الإعلام أو الفعاليات الثقافية بشكل يعكس هويتها الحقيقية، وهو ما يساهم في تعزيز الشعور بالتهميش. لم تحظَ المرأة التهامية بأي تمثيل حقيقي في مراكز صنع القرار، سواء في الحكومات اليمنية المتعاقبة أو في أي جهود سياسية لحل الأزمة اليمنية..

يتم تغييبها عن المناصب القيادية، كما أن البرامج التنموية والسياسات الحكومية لم تراعِ احتياجاتها الخاصة، مما يجعلها واحدة من أكثر الفئات تضررًا من الأوضاع السياسية المتقلبة. أما اقتصاديًا، فالمرأة التهامية تعاني من مستويات فقر مرتفعة، حيث تعيش في بيئة تعاني من انعدام الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وفرص العمل..

 لم تحظَ بأي دعم من قبل الحكومات المتعاقبة، ولم تستهدفها المشاريع الدولية بشكل جاد، مما جعلها ضحية للبطالة والحرمان الاقتصادي. ازدادت معاناة المرأة التهامية بشكل غير مسبوق منذ سيطرة ميليشيا الحوثي على تهامة، حيث فُرضت عليها قيود أشد، وتم استغلالها في الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد. ازدادت حالات العنف ضد النساء، وتم التضييق عليهن في مجالات التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية. كما أدى القمع الحوثي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، حيث تعاني النساء من التهجير القسري، ومصادرة أراضيهن، وحرمانهن من أبسط حقوقهن..

 في ظل هذه الظروف، لم تتلقَ المرأة التهامية أي دعم حقيقي من المجتمع الدولي أو المنظمات الحقوقية، مما يعكس استمرار تجاهل قضيتهن على المستويين المحلي والدولي. رغم التقارير الحقوقية التي تؤكد حجم المعاناة التي تعيشها المرأة التهامية، فإن المجتمع الدولي لم يتخذ أي خطوات حقيقية لدعمها أو تمكينها. تركز المنظمات الدولية على قضايا النساء في المدن والمناطق الأخرى، لكنها تغفل بشكل شبه كامل معاناة النساء في تهامة، مما يعكس سياسة تمييز غير معلنة ضد هذه الفئة. تمثل معاناة المرأة التهامية انعكاسًا لحالة التهميش التي يعاني منها أبناء تهامة بشكل عام، حيث يتم إقصاؤهم من المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي...

مع استمرار التجاهل المحلي والدولي لمعاناتهم، يصبح من الضروري العمل على رفع الوعي بقضيتهم، والمطالبة بحقوقهم العادلة، وضمان إشراك المرأة التهامية في كافة المجالات لضمان تحقيق العدالة والمساواة...