“ تفكيك ألوية تهامة: خيانة للتضحيات وتهديد للهوية الوطنية ”..
ألوية تهامة، وعلى رأسها اللواء الرابع، لم تكن مجرد تشكيل عسكري عابر في معركة ضد مليشيا الحوثي، بل كانت تمثل صوتًا يعبر عن إرادة أبناء تهامة في التحرر من الظلم والطائفية. هذه القوات خرجت من قلب المعاناة ومن بين أبناء المنطقة الذين شاهدوا قراهم تُحتل وأحلامهم تُسحق تحت وطأة التهميش والإقصاء المتعمد منذ عشرات السنوات...
عندما نتحدث عن تفكيك ألوية تهامة، فإننا لا نتحدث فقط عن مسألة عسكرية أو إعادة توزيع قوات، بل عن استهداف جوهر الفكرة التي شكلت هذه الألوية: النضال من أجل وطن موحد وعادل، يعترف بحقوق الجميع دون تمييز. ألوية تهامة هي رمز للنضال الوطني فمنذ اندلاع الحرب ضد مليشيا الحوثي..
كانت ألوية تهامة في الخطوط الأمامية لتحرير الساحل التهامي. ولم تنشأ هذه الألوية بقرار سياسي أو إملاء خارجي، بل كانت نتيجة طبيعية لحراك أبناء المنطقة، الذين استجابوا بحماس لنداء الوطن. فهذه الألوية تمثل هوية أبناء تهامة، حيث تقود المعركة رجال من المنطقة يعرفون الأرض والناس، ويحملون همومها وتطلعاتها..
إن في تفكيك اللواء الرابع تهامة خطوة تحمل أبعادًا خطيرة ففيها هدم الإنجازات حيث أن تفكيك اللواء الرابع يعني ضرب جهود سنوات من التضحيات والعمل العسكري المنظم الذي أسهم في تحرير مناطق واسعة من تهامة. وأيضاً إضعاف المقاومة فإذا تم تفكيك اللواء الرابع، ستضعف الروح المعنوية لبقية ألوية تهامة، مما سيؤدي إلى تراجع قوتها على الأرض. وكذلك تمكين المليشيا الحوثية حيث إن إضعاف ألوية تهامة سيصب في مصلحة مليشيا الحوثي، التي ستستغل هذا التفكك لإعادة ترتيب صفوفها واستعادة المناطق المحررة...
هذا من جانب ومن جانب آخر هناك أبعاد سياسية واجتماعية لتفكيك ألوية تهامة فإن في تفكيك ألوية تهامة يعني لأبناء المنطقة أن تضحياتهم لم تُقدّر، وأن النظام الذي يفترض أن يمثلهم لازال يعمل ضد مصلحتهم. بالإضافة إلى أن أي خطوة لتفكيك الألوية ستؤدي إلى انعدام الثقة بين أبناء تهامة والقيادة العسكرية أو السياسية، مما سيزيد من حالة الإحباط. وكذلك تفكيك القوات قد يؤدي إلى انقسامات داخلية، سواء على المستوى المحلي أو الوطني، مما يضعف اللحمة الوطنية...
أن أمام أهالي تهامة عدة خيارات بين الدفاع عن قضيتهم أو الرضوخ للظلم، فالخيار الأول: هو رفض تفكيك اللواء الرابع، والضغط للحفاظ على بقية ألوية تهامة، لأن ذلك سيضمن استمرار المقاومة القوية ضد الحوثيين ويمنع انهيار المشروع الوطني في المنطقة. وبالنسبة للخيار الثاني: هو قبول التفكيك، وهذا يعني تعريض المنطقة للفراغ الأمني والعسكري، وفتح الباب لعودة مليشيا الحوثي للسيطرة، وهو ما يتعارض مع كل التضحيات التي قُدمت..
إن في تفكيك ألوية تهامة عدة تأثيرات على مستقبل المنطقة ومنها إلغاء الهوية التهامية حيث أن تفكيك ألوية تهامة لا يعني فقط تدمير تشكيل عسكري، بل يعني أيضًا مسح هوية نضالية خاصة بالمنطقة. وكذلك التراجع عن فكرة المواطنة المتساوية حيث إن أبناء تهامة ناضلوا من أجل دولة يحكمها القانون وتضمن حقوق الجميع، لكن تفكيك ألوية تهامة هو تذكير لهم بأن الظلم والتهميش لا يزال قائماً. بالإضافة إلى عودة الفوضى ففي غياب ألوية تهامة سيخلق فراغًا أمنيًا قد تستغله القوى المعادية لإثارة الفوضى..
ختاماً أن تفكيك ألوية تهامة، وخاصة اللواء الرابع، ليس مجرد خطوة عسكرية خاطئة، بل هو هجوم على روح المقاومة في تهامة. هذا القرار يهدد بتقويض الإنجازات العسكرية والسياسية التي تحققت، ويزرع بذور اليأس في قلوب أبناء المنطقة الذين لطالما أثبتوا ولاءهم للوطن. إن أبناء تهامة لم يخرجوا للنضال وتقديم الشهداء من أجل أن يُهمشوا أو تُحطم أحلامهم في بناء دولة المواطنة. إذا كانت هناك نية لتفكيك ألوية تهامة لصالح أطراف أخرى، فإن هذا القرار سيكون كارثيًا. من المهم أن تدرك القيادة الوطنية أن تهامة ليست مجرد منطقة، بل هي جزء أصيل من هوية اليمن، ولا يمكن بناء يمن جديد دون إنصاف أبنائها واحترام تضحياتهم. إن استهداف ألوية تهامة لن يمر دون عواقب وخيمة، ويجب على كل القوى الوطنية أن تتحرك سريعًا للحفاظ على هذه القوات التي تمثل أملًا في بناء يمن جديد قائم على العدالة والمواطنة المتساوية...