بين سطور الواجب المنزلي، حكاياتٌ تُروى

بين سطور الواجب المنزلي، حكاياتٌ تُروى

كتب | محمد العياشي alayashi2017@

لم أكن أتوقع أن يخبئ لي تصحيح واجب منزلي في مادة النحو مفاجأةً بهذه القوة.  طلاب الصف الثامن، الذين كلّفتهم بكتابة خمسة أمثلة على التوكيد اللفظي، قدموا لي أكثر من مجرد واجبٍ مدرسيّ. بين سطور دفتريّهم، وعبر تلك الأمثلة البسيطة، كشفوا لي عن عالمٍ عميقٍ من المشاعر والأحلام والتطلعات.

كنتُ أصححُ بسرعة، أُشيرُ هنا وهناك، أضعُ علامة "أحسنت" على الدفاتر التي أمامي، حتى توقفتُ عند دفترينِ اثنين.  الواجبُ صحيحٌ، الأمثلةُ مكتملة، إلا أنها لم تكن أمثلةً عاديةً على التوكيد اللفظيّ.  فقد خطّ أحدهم: "أذهب أذهب يا حوثي"، وآخر: "ارحل أرحل يا بشار"، وآخر  "عمك عمك كريستيانو"  و "سي سي كريستيانو عمي ميسي".  أمثلةٌ تحمل في طياتها  واقعًا قاسياً،  تتجاوز حدود الدرس النحويّ لتصل إلى عمق  قلوبٍ صغيرةٍ تحمل همومًا كبيرةً.

هؤلاء الطلاب،  بكلّ بساطة،  عبّروا عن همومهم  بأسلوبهم الخاص،  همومهم  التي تُرهق أكتافهم الصغيرة. همومٌ  تتعلق  بأخوانهم في سوريا،  وبأحلامهم  في دعم الجيش الوطني اليمنيّ، وبإيمانهم الراسخ  بأنّ الحياة الكريمة لا تتحقق إلا برحيل الحوثي.  لكنهم مع ذلك،  يجدون  وقتًا  للرياضة،  ويحافظون  على  شغفهم  بها،  مشاركين  في  أنشطة  مدرسة النبلاء الرياضية،  مظهرين   بذلك  قوة  روحهم  ومقاومتهم  للظروف  الصعبة.

إنّ هذه الأمثلة،  بكلّ بساطتها،  أكثرُ من مجرد واجبٍ منزليّ. إنها رسائلٌ من قلوبٍ صغيرةٍ  تُصرّ على  الأمل  والحياة،  رغمَ كلّ  الصعوبات  والمعاناة.  إنها  شهادةٌ على  قوّةِ  الإرادة  والإصرار  على  الحياة  الكريمة،  وعلى  الأمل  في  غدٍ  أفضل.  أحسنت، يا أبنائي، ليس فقط على إجابتكم الصحيحة، بل على  صدق مشاعركم وقوة  روحكم.  إنّكم  أكثرُ من مجرد  طلاب،  أنتم  أبطالٌ صغارٌ يستحقون  كلّ  الدعم  والاهتمام.