ما الذي يجري في محافظة عدن ؟
منبر الأخبار
بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
أما الليلة فإني أود الحديث عن شيء مما يعانيه المواطن في هذه المدينة الطيبة ، المدينة الصغيرة في مساحتها ، إذ يستطيع الراجل أن يجوبها سيرا على الأقدام من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها في أقل من نهار بل في بضع ساعات ...
في ليلة من ليالي القدر المباركة من هذا الشهر الفضيل زارني أحد الأصدقاء ، وقد جرنا الحديث إلى المعاناة الكبرى التي يعيشها المواطن في محافظة عدن لاسيما في هذه الليالي المباركة ، إذ سألته عن معاناة الصائمين من شدة الحر بعد أن بلغ الأمر بالكهرباء أن تختفي لخمس ساعات وفي أحايين كثيرة لست ساعات ثم تظهر لساعتين أو أدنى من ذلك في اليوم الواحد ؟ قال : ذلك مايتسبب في موت الكثير من العجزة والمسنين كل يوم ، ثم تنهد نهدة ارتعد لها سائر بدني ، أتبعها بالقول : هذا شيء مما نعانيه من ثمان سنوات وليس من اليوم يا أخي ، لكن يبدو أنكم مذ حفرتم آبار المياه المالحة في هذا الحي قد نسيتم أننا في كثير من الأحياء نعاني أيضا من انعدام المياه عن منازلنا إذ يتجاوز انقطاعها عنا في بعض الأحايين الشهر يا أخي ، كلا ياصديقي لن أنسى ، وكيف أنسى وأنا أشاهد الفتيات والفتيان كل يوم طوابير على آبار المياه وحولهم وفي أيديهم الصهاريج البلاستيكية الصفراء سعة العشرين لترا ، غير أنني كرهت أن أضع المصائب كلها في سلة واحدة أمامك ياصديقي ، إن مصائبنا يا أخي أكبر من أن تستعرض وأكثر من أن تعد ، ومانشير إليه ماهو إلا عناوين لمعاناتنا ، حقا ياصديقي إن مانعانيه في هذه المدينة قد خرج عن المحسوس وتجاوز المعدود ، ولايسعنا إلا أن نقول : حسبنا الله ونعم الوكيل ، هل تصدق يا أخي إذا حكيت لك حكايتي مع أسواق الأقمشة والملابس العيدية في ليلة مبكرة من هذا الشهر الفضيل ؟ قل يا أخي شرط أن تسمع بعد ذلك مني ، لقد نزلت في ليلة من ليالي الأسبوع الأول من رمضان ؛ لكي أستبق ليالي الغلاء ، وفي جعبتي مائة ألف ريال ، وهذا بعد أن زهدنا نحن الآباء والأمهات في ملابس العيد ، وقررنا أن نكتفي بشراء ملابس للأبناء والبنات فقط ، دخلت دكانا يبيع العباءات النسائية ، وطلبت منه أن يأتيني بأرخص عباءة لديه ، سحب إحداهن وقال : هاك إياها ياوالد ، أمسكت بها وبعد أن نظرت إلى طولها وعرضها وتحسست خامتها ، قلت : كم ثمنها يابني ؟ قال : خمسون ومائة ريال سعودي فقط ، هذا سعر خاص لك ياوالد ، قلت : لماذا بالعملة السعودية أوليس نحن في عدن ؟ قال : بلى ياوالد ولكن من ثمان سنوات وعملتنا تركض كالمجنون إلى الخلف لايقر لها قرار وليس لها مستقر ؛ لذلك لم نعد نتعامل بها في أسواق عدن أو نثق بقيمتها ، وهنا نظرت إلى محفظتي ، وعمد خيالي إلى المقارنة بين ما أملك من النقود وبين سعر العباءة ، وإذا بما لدي لايغطي قيمة قطعة قماش واحدة مما أريد ، اعتذرت من البائع وعدت إلى منزلي ، كان الأبناء والبنات في الانتظار ، سألوني أين ملابس العيد يا أبي ، قلت : اصبروا علي قليلا لعل الله يأتي بالفرج ، انصرفوا من حولي وآيات البؤس قد بدت على وجوههم مؤلمة ومحزنة ...