قحطان.. الطود الطليق

قحطان.. الطود الطليق

منبر الأخبار

بقلم/حسن الفقيه 

النضال في وجود الحكومات والدول سهل وممتع، ويجيده الكثير، لكن النضال عند سقوط الدول والبلدان لا يجيده إلا مناضلون من طراز قحطان.

قحطان أيها الحر المناضل اليقظ الطليق سلاما عليك في عام اختطافك الثامن، أيها الحاضر الشامخ الحاضر في مهجنا وفي صلب معركتنا، مقاتلا عنيدا صلبا مقداما متوثبا على طريقتك ونهجك الشامخ الشاهق.

أيها الكبير تعظيم نضال وسلام في عام نضالك الثامن أيها الوتد، فعندما كان غيرك وجلون وخائفون ويرتبون وضعهم للإفلات، ويهيئون أنفسهم للتعامل مع الواقع الجديد محاباة أو خوفا، كنت قد أعلنتها بكل وضوح وجلاء، بأن هذا الجنون المنفلت مجرد انتفاشة خارج سياق العصر، لن تصمد طويلا، ووطنت نفسك للمقارعة ودفع الثمن، حتى لا يقال، إن كل ساسة البلاد فروا جميعا وتركوا البلاد تتدبر مصيرها منفردة. 

وإذا كانت بعض المواقف تقتضي الحكمة والتواري والموازنة والتأني، فإن بعضها لا تقتضي إلا شجاعتك ونضالك وخيارك، فليس بعد موقفك وبسالتك ووقوفك وحجتك، من موقف أيها الواقف الذائد عنا وعن البلاد برمتها.

خسرناك وافتقدناك وخذلانك وجزعنا منك وعليك، وأنت بكامل أهبتك واستعدادك وطاقتك وسكونك، تقيم الدليل، على صلابة معدنك، ونقاء انتمائك، وصدق حبك لترابك وأرضك وجمهوريتك. 

غيرك كثر يتبجحون ما يعتقدون أنه نضال ومواجهة وينظرون إلى ملامحهم بزهو، ويتسللون لواذ يدافعون بمناكبهم عقب كل طبخة أو غنيمة، وأنت ككل البلاد بجالبها وسهولها وأوتادها، تضحك من كل هذا الخواء والهواء والهراء والارتخاء. 

لم تكن حاجتك الينا بقدر حاجتنا والبلاد إليك، لكن أساطير وملهمي النضال ، ينتبذون مكانا نضاليا لائقا، ولا يحبذون أو يجيدون إلا نضالا صافيا ونفسيا ومعدنيا كالذهب، في زمن البلادة والعجز والعقم والكسل.

ما كان حريا بك أن تكون شاهدا على زمن الخشب المسندة، وعلى مرحلة التيه والوضاعة والامتطاء التي لم تعرفها اليمن من قرون طويلة، ما كان لائقا بك حضور الضعفاء والجبناء والبهت.

ولذا أنت فسطاط مع كل الذين قضوا نحبهم، وكل هذه الحشود الخاوية والخالية فساط آخر. أنت فسطاطنا وحامل رايتنا التي لا تسقط أو تتعثر، كنت مخفيا مغيبا، أو فدائيا مجيدا، فلقد كنت فوجا وطودا ونسيجا بمفردك من قبل ومن بعد. 

لك أن تسامحنا يا كبيرنا ورأسنا وصدرنا ونحرنا، بعد أن ظللنا أعواما نكبيك ونولول عليك، ونبكي حظنا وعجزنا هواننا وضعف حيلتنا، ولم ننصرف إلى ترميزك وإكبارك وتوقيرك، كما يجب، كواحد من اساطير النضال والتحرر في العالم.

عذرا يا روح البلاد وتجاعيدها ولكنتها بعد كل هذي الخذلانات، نحن ضحايا محدوي الخيال والحيلة الذين اختزلوا قضيتك، ومدرستك النضالية في الهشتاجات والبكائيات والتضامنات، وتجاهلوا أسطورة نضالية، ويمنا خالصا ومكتملا، افتدى يمنه وبلاده بكليته و ما يملك. 

حتى اسمك الكبير قحطان مررنا عليه مرور الكرام، ولم يستوقفنا كثيرا، و لم نتوقف عنده مليا، التوقف أمام قيل حميري وملك قحطاني مثلك، لم يساوم أويترك أرضه للغرباء والغزاة،، فكيف نسينا أو تناسينا أن الملوك والعظماء لا يسلمون ولا يتركون أوطانهم وبلدانهم للغرباء، طعما وايثارا للنجاة.

نحن من يستحق الرثاء والتضامن، والمطالبات، لا قحطان، نحن المختطفين المغيبين لا أنت، ومع كل مرة نطالب فيه، بالكشف عن مصيرك، او اطلاق سراحك، يجب أن نطالب بالكشف عن مصيرنا واطلاق سراحنا أولا، فنحن اختطفنا وغيبنا مذ اختطافك وتغييبك.

نحن من يتلعثم ويوبخ عندما نسأل عن مصيرك، ولماذا أنت بالذات، ثم نمضي لا نملك جوابا، أو بالأحرى، لا نجرؤ على البوح بما يكفي للمواجهة والمكاشفة.

نحن الآن في منتصف المعركة، أو في مبتدأها، وكل ما ينقصنا هو روحك وعقلك وبصيرتك، وبوصلتك، لنعيد تصويب المسار مجددا ونمضي، بك، أو بجيل قحطان المتخلق من بين ألسنة اللهب، ومن واقع النكسات والخيبات.