المتسولون لعنة رمضانية على الأثرياء 2

المتسولون لعنة رمضانية على الأثرياء 2

منبر الأخبار

 

بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي

   لعل القارئ يتفاجأ إذ يجدني عدت لاستكمال موضوع الفقراء والمساكين والمعدمين دون أن أنبه القارئ الكريم في السردية الأولى بذلك ، مع أنني قد عودت قرائي الكرام التنبيه لمثل ذلك ، غير أنني سأوضح لكم معشر القراء سبب العودة . لقد تواصل معي أحد القراء من شرق البلاد ، الذي كان أبوه - رحمه الله  - صديقي ، بل كان حبيبي ؛ لأنه كان يقدرني ويحترمني كثيرا وأنا كذلك ، والمثل يقول :  " من حبك أبوه لاتكره ولده " ووجه لي شيئا من النقد عن السردية ، ولكن بأسلوب مقبول ومحبوب إذ أشار إلى أن بلاد المسلمين كلها لم تعد تحكم بشرع الله أو على وفق ضوابطه ، وكذلك يقول : إن معظم الميسورين المسلمين غير متفقهين في الدين لكي يعلموا ماهو عليهم تجاه الفقراء والمعدمين ، بل قد تجد الواحد منهم إذا ماقدم شيئا من ماله لواحد أو اثنين ممن يعرف من المحتاجين فإنه يظن أن قد أدى ماهو عليه نحو أخيه المحتاج ، وبناء على ذلك ، من هو المسؤول عن معالجة هذه الظاهرة التي أصبحت تؤرق الكثير من أولي الألباب في مجتمعنا ؟ وبناء على هذه الملاحظات التي بدت مهمة للغاية - على الأقل - من وجهة نظر كاتب هذه السطور ، رأيت أن أعيد النظر في الموضوع وأستكمله في سردية أخرى …

   ومن هنا يتبين أهمية تلك الظاهرة ، إذ كثر المتسولون حتى أصبح الأمر في حاجة ماسة للمعالجة العاجلة ، واختلط الحابل بالنابل على كثير من القوم ، إذ لم تعد تستطيع التمييز بين المحتاج الحقيقي وبين من عد التسول حرفة وامتهنها مهنة ؛ لذلك وجب القيام بعملية مسح شاملة للمحتاجين ، ومعرفة احتياج كل أسرة منهم ؛ ليتم توفير العيش الكريم لهم من غير ذل وامتهان كرامة ، كغيرهم من أفراد المجتمع ، لكن قبل ذلك ، على من تقع مسؤولية المسح لأولئك الجوعى خاصة ونحن نعاني من انعدام دور المؤسسات وانعدام الدولة  ومن هو المسؤول عن توفير العيش الكريم لهم ؟

   حقا إن لدينا جيوشا مجيشة من شباب الإسلام ، إنهم يعدون بعشرات الآلاف ، وجلهم مسلحون بالقرآن الكريم والحديث الشريف ، فضلا عن التسابق لاعتلاء منابر المساجد وإلقاء الخطب ، وأهم من ذلك أنهم يكرمون الطعام إذ تجدهم يلتهمون اللحوم وغيرها من الوجبات الدسمة بشراهة ، فضلا عن أن الإسلام من أولوياته ؛ رعاية الأيتام وإطعام الفقراء والمساكين الطعام ، فالإسلام دين التكافل والتراحم والسلام ؛ لذلك يرى الكاتب أن مسؤولية المسح للفقراء والمساكين ، ومعرفة الجوعى تقع على عاتق أولئك الشباب ، ثم تقديم الكشوفات للأثرياء ، ونصحهم وتذكيرهم بما هو عليهم تجاه أولئك الجوعى ، وإسقاط الحجة على أرباب المال ، وأنهم غدا أمام الخالق لمسؤولون عن تلك الأموال فيم أنفقوها ، ولا أظن أن الأثرياء سوف لن يجودوا بما يكفي لإطعام أولئك الجوعى من أموالهم ، لاسيما عند معرفة عدد الفقراء والمساكين وما يكفي من المال لإطعامهم وتحريرهم من ذل السؤال وامتهان  الكرامة ، وكذلك معرفة الأيادي الأمينة من شبابنا المسلم التي ستتولى استلام تلك الأموال وتسليمها للمحتاجين ، وهذا أظن أنه سيكون من الأعمال العظيمة التي تعبر عن التكافل والتراحم والتعاطف إذا ماقام به شباب الإسلام في مجتمعنا المسلم . فهذا من وجهة نظري مقدم على كثير من الشعائر الدينية ؛ لأن كثيرا من المسلمين تجده مواظبا على صلاة الجماعة ، ويصوم رمضان ، ويعتمر في العام أكثر من مرة ، ويحج بيت الله الحرام ، لكنه لايلتفت إلى الفقراء ، ولاينظر نحو المساكين ، لظنه أن مثل هذه الأمور هينة …