الشرعية اليمنية في مواجهة القصف الإسرائيلي: بين التخاذل المحلي والعجز الدولي

 الشرعية اليمنية في مواجهة القصف الإسرائيلي: بين التخاذل المحلي والعجز الدولي

كتب| عبدالجبار سلمان

شهد اليمن في السنوات الأخيرة تدهورًا كبيرًا في شرعية حكومته المعترف بها دوليًا، وذلك نتيجة العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت في تآكل مكانتها على الصعيدين المحلي والدولي. من بين هذه الأحداث التي سلطت الضوء على ضعف الشرعية اليمنية كان القصف الجوي الإسرائيلي على أهداف مدنية وعسكرية في الحديدة ومنطقة تهامة عموماً. هذا القصف الذي استهدف مواقع استراتيجية في المناطق الغربية من اليمن لم يُقابل برد فعل مناسب من الحكومة اليمنية سواء على المستوى المحلي أو الدولي، ما أدى إلى تعميق أزمة الشرعية وتراجع ثقة الشعب والمجتمع الدولي في الحكومة. من الواضح أن الحكومة اليمنية تواجه صعوبة كبيرة في فرض سيطرتها على الأرض، وهذا الضعف انعكس بوضوح في حادثة القصف الإسرائيلي على الحديدة. فبدلاً من اتخاذ موقف حازم لرفع شكوى إلى المجتمع الدولي، واللجوء إلى المؤسسات القانونية لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، بدا الموقف الرسمي للحكومة ضعيفًا ومراوغًا.

 هذا الضعف في الرد يعكس التحديات التي تواجهها الحكومة في محاولة الحفاظ على وجودها الشرعي وسط صراع داخلي مرير مع الحوثيين، الذين يسيطرون على معظم أجزاء شمال البلاد. إلى جانب ذلك، تآكلت ثقة الشعب اليمني في قدرة الحكومة على حماية مصالحهم وتأمين سيادتهم الوطنية، مما جعل الشعب يشكك في شرعية الحكومة. فقد رأى العديد من اليمنيين أن الحكومة لم تكن في موقف قوي للدفاع عن أراضيها، وهو ما جعلها تبدو غير قادرة على التصدي للاعتداءات الخارجية أو حتى استخدام هذه الحوادث لكسب تأييد شعبي. على الصعيد الدولي، لم تتحرك الحكومة اليمنية بالشكل المطلوب لمواجهة القصف الإسرائيلي دبلوماسيًا أو قانونيًا. كان من المتوقع أن تتخذ الحكومة خطوات جدية لرفع شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية، أو حتى استخدام الدبلوماسية للضغط على إسرائيل من خلال الدول الحليفة. لكن غياب هذا التحرك الدولي يعكس أيضًا عجز الحكومة عن بناء تحالفات قوية في الساحة الدولية، ويُظهر قلة نفوذها وتأثيرها، حتى في ظل دعم بعض الدول الكبرى. هذا القصور في التحرك الدولي يأتي في وقت تعاني فيه الحكومة من تناقص الدعم الدولي، حيث أصبحت العديد من الدول مشككة في قدرتها على تمثيل اليمن بشكل شرعي وفعال. بدلاً من استغلال حادثة القصف لكسب التعاطف والدعم الدولي، عانت الحكومة من مزيد من العزلة وفقدان الدعم. من الناحية القانونية، لم تستطع الحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات ملموسة لمحاسبة إسرائيل على هذا الانتهاك للسيادة اليمنية.

 القانون الدولي الإنساني يمنع استهداف الأهداف المدنية والعسكرية بشكل غير قانوني، ويفرض محاسبة الجناة من خلال الآليات الدولية. لكن غياب الحكومة عن هذا المشهد القانوني يبرز مدى ضعفها في تقديم نفسها كدولة قانونية قادرة على حماية حقوقها وحقوق مواطنيها. كان من الممكن أن يكون للحكومة موقف أكثر قوة إذا لجأت إلى المنظمات الدولية، أو على الأقل أثارت هذه القضية في المحافل الإقليمية والدولية. 


على المستوى المحلي، كان من المفترض أن تقود الحكومة حملة واسعة لتعبئة الشارع اليمني ضد هذا الاعتداء. إلا أن غياب التصعيد المحلي، سواء من خلال الدعوة إلى مظاهرات أو إصدار بيانات رسمية قوية، يعكس عدم رغبة الحكومة في التصعيد أو عدم قدرتها على السيطرة على الشارع. هذا الضعف المحلي يعزز الانطباع بأن الحكومة فقدت القدرة على قيادة الشعب، وأنها لم تعد تمثل الإرادة الجماعية للشعب اليمني.
  ختاماً تعد حادثة القصف الإسرائيلي لأهداف مدنية وعسكرية في الحديدة ومنطقة تهامة عموماً واحدة من الأحداث التي أظهرت ضعف الشرعية اليمنية.

   فعدم قدرة الحكومة على الرد المناسب، سواء داخليًا أو دوليًا، يعكس الفجوة الكبيرة بين الحكومة والمجتمع اليمني، وكذلك تراجع مكانتها على الساحة الدولية. إن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى مزيد من التآكل في شرعية الحكومة ويزيد من عزلتها في المستقبل.