يا هـل تـرى… شـي جـديد في جعـبة الحكـومة؟
تتـكرر الأسئلة ذاتها في وجدان كل مواطنٍ يمني مع مطلع كل يوم جديد: يا هـل تـرى، شي جديد في جعبة الحكومة؟
سـؤال بسيط في كلماته، عميق في معانيه، يعكس حجم الأمل المتآكل بين ضلوع الناس، والانتظار الطويل لبوادر انفراجٍ تعيد للحياة معناها وللوطن اتزانه.
لـقد بات المواطن اليمني يعيش على حافة الصبر، محاصرًا بين شحّ الخدمات، وانقطاع المرتبات، وارتفاع الأسعار، وتآكل قدرته على تحمّل أعباء المعيشة اليومية؛
فـالكهرباء أصبحت حلمًا مؤجلًا، والـماء لا يصل إلا بشقّ الأنفس، والـدواء بات في متناول القادرين فقط.
وبـين هذه الأزمات، يطلّ السؤال من جديد بملامح الحيرة والرجاء: هل في جعبة الحكومة ما يبعث الطمأنينة؟
ليـس من المنطق أن تبقى المعاناة مادةً للبيانات والتبريرات، ولا أن تتحول الحياة اليومية للمواطن إلى حقل تجارب للوعود غير المنجزة.
إنّ المرحـلة التي يعيشها الوطن اليوم لا تحتمل المزيد من التسويف أو تبادل اللوم، بل تستوجب شجاعةً في اتخاذ القرار، ورؤيةً وطنية تتجاوز الاصطفافات الضيقة نحو مشروع إنقاذٍ حقيقي يعيد للدولة حضورها، وللمؤسسات هيبتها، وللمواطن كرامته.
الحـلول ليست بعيدة المنال إذا ما توافرت الإرادة؛ فـإصلاح منظومة الخدمات يبدأ من ترشيد الموارد وإحكام الرقابة على الإيرادات العامة، ووضع حدٍّ للفساد الذي استشرى حتى بات يلتهم مقدرات البلاد بلا رادع.
والتخـفيف عن كاهل المواطن لا يكون بالشعارات ولا ببيانات الطمأنة، بل بإجراءاتٍ عملية تُلمس على أرض الواقع: انتظام الرواتب، مراقبة أسعار السلع، وتوفير أساسيات الحياة بكرامة.
إنّ التاريـخ لا يرحم من يكتفي بالمشاهدة بينما شعبه يئنّ من الجوع والخذلان؛ فالوطن ليس ساحة لتبادل الأدوار السياسية، بل مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون منصبًا أو سلطة.
ومـن لم يضع في جعبته شيئًا من الأمل والإنجاز، فليتنحَّ جانبًا ليفسح المجال لمن يملك القدرة على الفعل قبل القول.
يا حكـومة الوطـن؛
إنّ الناس لم يعودوا ينتظرون المستحيل، بل يسألون فقط عن حقّهم في حياةٍ تليق بإنسانيتهم، عن خبزٍ لا يُقايض بالولاء، وعن دواءٍ لا يُشترى بثمن الكرامة.
الشـعب لم يعد بحاجة إلى وعودٍ جديدة، بل إلى صدقٍ في النية وجرأةٍ في التنفيذ، فكل يوم يمرّ دون إصلاحٍ حقيقي هو يومٌ يُضاف إلى عمر الألم، وعارٌ يُسجّل على جبين الصمت.
وفـي المقابل، على الشعب أن يتمسّك بما تبقّى من أمل بأن القادم أجمل، فـالأوطان لا تُبنى بالتذمّر وحده، بل بالوعي والمطالبة السلمية والتمسّك بالحق المشروع في حياةٍ كريمة.
فـلعلّ يـومًا مـا؛
حـين تُفتح جعبة الحكومة من جديد، نجد فيها ما يستحق الانتظار، وما يعيد للوطن وجهه الإنساني المشرق.
ولكـن يبقى السؤال مفتوحًا على اتساع الألم والرجاء:
يا هل ترى… شي جديد في جعبة الحكومة؟
أم أنّ الجعبة فارغة كما
كانت، تملؤها الشعارات، ويغيب عنها الفعل؟
د. هـاني بن محمد القاسمي
عـدن: ١٥. نوفمبر. ٢٠٢٥م
.



