جابر الشراخ ....الكلمة والموقف ...في الذكرى ال11 لرحيله ...

جابر الشراخ ....الكلمة والموقف ...في الذكرى ال11 لرحيله ...

منبر الاخبار / المنبر الثقافي / عدنان حجر ...


المنبر الثقافي / كتب : عدنان حجر 

يُعد صديقي المناضل والسياسي والأديب والشاعر اليمني التهامي جابر محمد علي الشراخ ( رحمه الله )..عاش حياته مسكون بحب الوطن الكبير ( اليمن ) وبتهامة الأرض والإنسان والتاريخ ... عاش حياته يحلم بوطن يحضنه ..لكنه كما قال ؛
( لم يعد لي / وطن يحضنني / كالحرف /
في صفحة دفتر..).. وفي يوم الاربعاء 1 اكتوبر2014م 
وافته المنية ..وكان قبل رحيله قد كتب
قبل وفاته قد كتب ساخرا أنه قد سامح فئة ممن عاصرهم في حياته فانشد فيهم ساخرا منهم قائلا : ( لَقَد سَامَحَت مَنْ وُلِدُوا حبالى / مَن لَعِبُوا عَلَى الجُمْلِ الْمُضَافَة ).. وأما الذين اختلف معهم اختلاف المحبين فقد انشد فيهم قائلا : ( لابد من يوم يجوا يبكوا على بابي / ويطلب العفو مني من تأذي بي )..فرحل الشراخ الكلمة والموقف ، رحل عميد شعراء الهجاء في اليمن..رحل  وبكى رحيله الجميع وكان رحيله خسارة فادحة لليمن بعامة وتهامة على وجه الخصوص ...

اليوم الأربعاء 1 اكتوبر2025م يكرر التاريخ نفسه في ذكرى تحل علينا هي الذكرى ال 11 لرحيله ..وفي هذه الذكرى نستذكر من سيرته الوطنية النضالية بما تيسر لنا من سورة الوفاء للراحل الكبير الذي فضل الموت على الذل والاذلال
قائلا : ( ما اشتيش كرسي / ولا اشتي شامدح الوالي / قصدي اقول كلمتي /وامشي لي طوالي /
ذا الموت اهون / من الاذلال ياوالي..)...

لم يكن الفقيد الشراخ مجرد سياسي أو اديب وشاعر بل كان واحداً من أبرز الأصوات السياسية والأدبية والشعرية في اليمن بعامة وفي تهامة على وجه الخصوص.. حيث عُرف بمواقفه الجريئة وكلماته التي حملت هموم الناس وتطلعاتهم..
واستطاع عبر مسيرته أن يرسخ حضوره كشاعر مؤثر، جمع بين قوة الكلمة وصدق الموقف، ليصبح منارة للحق وصوتاً حراً في مواجهة الظلم والقيود...ويصفه محبوه بأنه "شاعر المواقف" لما امتاز به من شجاعة أدبية وجرأة في التعبير عن قضايا المجتمع، إلى جانب قدرته على صوغ المعاناة الشعبية في قالب شعري بليغ...

لم يكن مجرد اديب ومناضل يمني تهامي , بل كان مسكونا بحب اليمن وباصله من تهامة اليمن ..وطنا وارضا بل وفي مرتبة الام قائلا :
( هواك أماه قبل البدء علمني / درس المحبة قبل الفرض والسنني /أماه هذا التراب الطهر يجمعنا /
ان فرقتنا يد الأحداث والمحني /وقلت للشمس مدي مدى ظل أجنحة / خضراء من وجع الاحزان تغسلني / لتكتسي الأرض من اراحنا قبلا / وتنتهي قصة الازلام والوثن / أن أنكر الدهر عنواني وقافيتي / حسبي باني ( تهامي ) من اليمن )...

وكما كان يعلم بكل مايحدث لوطنه من مؤامرات اللصوص والجهلة والمرتزقة والغشاشين وانه وغيره من الفقراء والمطحونين وعشاق الوطن هم الضحايا ..فقد تنبأ بما هو كائن وماسيكون وانشد قائلا : ( الأمر لنا / فاللعبة واضحة المعنى /نحن ضحية هذا الجهل المتحكم / والذل المتآمر فينا /
 فالنرجم كل الغشاشين /لصوص التاريخ / مرتزقي الثورة / فالوطن المكدود / لن يغسله الا دم يتدفق طهرا / ولنا شرف الجرح / شرف الموت على أعتاب كرامتنا / ويكون الأمر لنا صبحا / لهم خزي / ولنا فرحة النصر ..)..

وكان يرى أن تلك اللعبة شارك فيها إلى جانب المرتزقة واللصوص والجهلة لاعبون آخرون ساهموا في إعاقة تحقيق الحلم الذي لم يجده فأنشد قائلا:
( من اين ابتدئ القصيدة / والحوار هو القصيدة / من أعين المتسولين ام / من التلفاز والصحف البليدة / من اي نافذة سيشرق وجه / حلم الابجديات القريبة والبعيدة / من نصف حلم في السراب / ورقصة النخب القديمة والجديدة /  من صرخة الوطن المشفر / بين انياب النطيحة والشريدة / همس المواجع في الطريق تعيده / اوهام من عزفوا على اوتار العقيدة / واللاعبون  على المبادئ يطبخون / الوهم في غرف ( الهريسة والعصيدة ) )…

ذلك بعض يسير من تاريخ مناضل تهامي سخر أدبه ونضاله وحياته واضحا  وصادقا وشجاعا لايجامل ولايهادن ولايخاف في الحق لومة لائم ..عاش مسكونا بحب الوطن الكبير وحب تهامة مسقط رأسه ومظلة حياته ..عاش حياته مقارعا للظلم والذل والهوان رافضا الفساد والتسلط على العباد ..لم يكن يعيش حياته من أجل التغنم أو التقرب من السلطة بمدحها بغية الوصول إلى ما يفعله الوصوليين, بل كان ينبذ ذلك ويرى أن قول كلمة الحق في وجه سلطة جائرة هي فقط مبتغاه وأن الموت عنده اهون من المناصب ومدح السلطة ..لكنه وبكل أسف وجد نفسه وكما قال :
( من شدة القهر لامن شدة المحن / قد صرت ابكي علي قبري على وطني / وكم رقصت على قبر اعذبه /واليوم ابكي علي وطن يعذبني )..

رحل صديقي المناضل / جابر الشراخ وودعت تهامة خاصة واليمن بوجه عام علما من اعلامها في مختلف مجالات الفكر والثقافة والسياسة بل وودعت اليمن عميد شعراء الهجاء في اليمن .. وصاحب “اشتعالات في زمن الشتاء” و”آخر كلام”. و ” حب ونار “..إلى جانب قصائده الغنائية الموثقة في الإذاعة والتلفزيون والمغناة وغير المغناة التي لم توثق.. رحل جابر الشراخ وعن جدارة واستحقاق رحل رجل ” الكلمة والموقف “.. رحل رئيس فرع اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين بالحديدة وعضو المكتب التنفيذي .رحل القيادي في حزب التجمع الوحدوي اليمني ورئيس فرعه في محافظة الحديدة .رحل مدير مكتب الثقافة في الحديدة ...

وها هي الذكرى ال 11/  تحل علينا ولا يسعني إلا الاعتذار لأهله وعشاقه ومحبيه عن هذا الموضوع القصير لأن جابر كبير واكبر مما كتبت وما سيكتب عنه ..ولا نملك في هذه الذكرى سوى الدعاء له بالرحمة والغفران وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.....