لاجئون أم مندوبو مبيعات للمليشيات؟...

في مسرح العبث اليمني، يتكرر مشهد يثير الغثيان: لاجئون يمنيون يا سعم فروا من جحيم المليشيات ال..حوثية، حاملين في ملفاتهم قصصا عن القمع والاضطهاد الح..وثي ومآسي الحرب، ثم تجدهم في بلاد اللجوء يرفعون شعارات الطغاة الذين زعموا الهروب منهم! 
نعم كيف يمكن لعاقل أن يستوعب هذا التناقض الفاضح؟ هل هؤلاء ضحايا حقا، أم مجرد وكلاء تسويق رخيص لمليشيا إرهابية تحترف قلب الحقائق؟

الحكاية قديمة جديدة، لكنها اليوم تكتسب بعدا أشد استفزازا. 
ففي العواصم الأوروبية والمدن الأمريكية، يخرج البعض من هؤلاء "اللاجئين" في وقفات "احتجاجية" دفاعا عن المليشيات التي دمرت بلادهم، وكأنهم لم يكونوا قبل أسابيع فقط يقدمون أوراق اللجوء مدعين أنهم فروا من نفس العصابة التي يدافعون عنها اليوم.
 فهل نحن أمام أزمة ذاكرة جماعية، أم أن النفاق أصبح عملة سارية في سوق اللجوء السياسي؟
على إن أبسط مبادئ المنطق تقتضي أن يكون اللاجئ ضد من شرده، أن يرفض سياسات من قصف بيته وقتل أقاربه وحاول اجتياح المدن اليمنية لفرض ولايته، لا أن يتحول إلى بوق دعائي لهم.
 فكيف يتحول المضطهد إلى محام عن جلاده؟بل كيف يصبح اللاجئ رأس حربة في تلميع صورة نظام قمعي يزعم أنه هرب منه؟ 
طبعا يبدو أن البعض لم يفهم بعد أن اللجوء ليس مجرد فرصة للحصول على إقامة دائمة وامتيازات اجتماعية، بل موقف إنساني وسياسي في جوهره.
على إن التاريخ مليء بالنماذج المشابهة، ولكنها دائما ما ارتبطت بالخيانة. 
فهل يمكننا أن نتخيل جنودا فروا من النازية في الحرب العالمية الثانية، ثم ظهروا لاحقا في شوارع لندن أو نيويورك يهتفون بحياة هتلر؟ 
هل يمكن أن نجد سوريا هرب من قصف الأسد ليقف في باريس ممجدا لبراميله المتفجرة؟ 
هذا الجنون لا يحدث إلا في الحالة اليمنية، والذي يتفوق العبث على كل قوانين المنطق.
والشاهد إن هذه الظاهرة ليست مجرد حالة فردية، بل نمط متكرر يستوجب التحليل والمواجهة. 
نعم ، علينا أن نسأل: ما الذي يدفع بعض اللاجئين إلى تبني خطابات الجلاد؟ هل هو الجهل؟ أم الولاء القبلي الأعمى؟ أم أن هناك ثمنا مدفوعا لهذا النفاق؟
بالتأكيد لا يمكن استبعاد أي احتمال، لكن المؤكد أن هذه الفئة تسيء لمفهوم اللجوء، وتمنح خصوم القضية اليمنية مبررا للتشكيك في معاناة اليمنيين الحقيقيين.
وعليه يجب أن يكون هناك فرز حقيقي بين اللاجئ السياسي الذي هرب من بطش المليشيات، وبين المتسللين المتخفين الذين جاؤوا لأغراض مشبوهة. 
فالأول يستحق كل الدعم، أما الثاني فهو مجرد طابور خامس، يستغل حرية البلدان التي استقبلته لينفث سمومه ويدافع عن الطغاة. 
وإذا كان هؤلاء اللاجئون قد اختاروا الدفاع عن القتلة، فلماذا لا يعودون إلى أحضانهم في صنعاء بدلا من البقاء في أوروبا وأمريكا؟
بل ما الذي يبقيهم في "بلاد الكفر" كما يصفها سادتهم، بدلا من الالتحاق بجبهات المليشيات التي يمجدونها؟

في الحقيقة فإن اللجوء قضية أخلاقية قبل أن يكون وضعا قانونيا.
و من اختار أن يكون صوتا لمليشيا إجرامية، لا يستحق أن يحمل صفة "لاجئ"، بل هو مجرد متواطئ يتقن فن العيش على حبلين.
 أما أولئك الذين هربوا بصدق، لأنهم رفضوا القمع والتخلف، فهم وحدهم من يستحق الاحترام والمساندة. وحان الوقت لفضح هذا النفاق، لأن اليمنيين الشرفاء لا يمكن أن يسمحوا لهذا العبث أن يستمر.