"في زريبة الفكر" مناظرة ساخرة بين يمني وحمار

اليمني: يا هذا، أليس من المعيب أن تقضي حياتك في حمل الأثقال، تمشي حيث يشاء سيدك، وتأكل ما يرميه لك؟ أين كرامتك؟ أين حريتك؟

الحمار: حرية؟ أي حرية تقصد يا مسكين؟ أهي حريتك في الركض خلف لقمة العيش من الصباح إلى المساء؟ أم حريتك في أن تقلق من الغد، بينما أنا أضمن عشائي دون جهد يُذكر؟

اليمني (ساخراً): يا لك من بليد! الحرية أن أكون سيد قراري، أن أسير حيث أشاء لأحقق أحلامي.

الحمار (ضاحكاً): أيها المغفل، أنت تدفع الجبايات عند كل مطب، وتعمل في وظيفة لا تتقاضى أجرها، ومحكوم بقوانين لا ناقة لك فيها ولا جمل، وتسمي هذا حرية؟ أما أنا، فأنا محكوم بقوانين الطبيعة فقط، إن أعطوني شعيراً أكلت، وإن تركوني استرحت. أخبرني، من منا الحمار الحقيقي؟

اليمني (غاضباً): أنت بلا طموح، بلا تطلعات!

الحمار: وأنت بلا كهرباء، ولا ماء، ولا راتب ولا تطبيب، ولا كرامة، وأولادك بلا تعليم ولا هم يحزنون، تلهث وراء أحلام وأمنيات قد لا تتحقق، بينما أنا أكتفي بما لدي. أنت عبد لقلقك، وأنا عبد لطعامي، فمن منا أكثر حُرًّا؟

اليمني: ولكنني أقرر مصيري!

الحمار: إذاً، قرر أن تتوقف عن العمل الذي لا تتقاضى أجره، وقرر أن تعيش بدون البند السابع، وقرر أن تتجاهل متطلبات الحياة، ولنرَ كم ستدوم حريتك الوهمية!

اليمني (صامتاً يفكر): …

الحمار (مبتسماً وهو يمضغ تبناً): يبدو أنني انتصرت في هذه المساجلة، والآن، إن سمحت لي، لدي موعد مع قيلولة هنيئة لا تقاطعها أحلام اليقظة.

الله المستعان