عندما يحمل الإعتداء هوية جغرافية!
في اليمن، يبدو أن الاعتداءات ليست مجرد جرائم عابرة تستحق الترند، بل أن لها أبعاد جغرافية ومعايير نكاية إعلامية متفق عليها.
الزميل عبدالحميد الشرعبي، مدير وكالة سبأ في مأرب، يتعرض لاعتداء عنيف بالضرب والإهانة، ولكن ماذا بعد؟
لا شيء، لأن مأرب ليست عدن، وببساطة مأرب أطهر من أن تنالها قنوات الدجل والإثارة التابعة لها.
هي القنوات نفسها التي تدّعي أنها تمثل صوت المظلومين وصرخة الحق أصبحت كأنها تردد: "لن نغطي أي مصيبة إلا إذا كانت في عدن".
عدن، المدينة المسكينة التي لا يكاد يمر فيها يوم دون أن تكون مسرحا لتقارير درامية على شاشات يمن شباشب وبلكيس.
يبدو أن المعيار الوحيد لتغطية الأحداث هناك معيارها الإختصاص المكاني، وهل الاعتداء في عدن؟ هل هناك خلفية "فيدرالية" أو "جنوبية" تتضمنها إساءة للإنتقالي " فهنا للقصة معنى.
إذا مرحبًا بالكاميرات، وشغل ردح العوالم.
عبدالحميد الشرعبي تعرض لاعتداء عنيف؟ حسنًا، ربما كان يجب أن يختار مكانًا أكثر "إعلامية".
مأرب، بكل ما تعيشه من تعقيدات، ليست سوى عنوان عابر في جدول نشرات الأخبار، بينما عدن هي الحكاية التي لا تنتهي.
نحن لا ندافع عن عدن ولا نهاجم مأرب، ولكننا نتساءل: هل أصبح الظلم معيارًا إعلاميًا يُقاس بالموقع الجغرافي؟ أم أن الأمر يتعلق بعدد المشاهدات التي يجلبها تقرير عن عدن مقابل تقرير تافه عن مأرب معقل أشراف مكة؟
على الأرجح، لو كان عبدالحميد الشرعبي قد تعرض للاعتداء في عدن، لرأينا العناوين تتراقص ألما وحرقة في كل شاشة، والبيانات تُصدر من كل منصة. ولكن للأسف، مأرب ليست "ترند"، وعبدالحميد الشرعبي ليس مادة دسمة لتقارير تثير العواطف أو تشعل الجدل.
فيا منصات الإعلام، هل نحتاج إلى توزيع الاعتداءات بالتساوي بين المحافظات حتى نحظى بتغطية عادلة؟ أم أن علينا الانتظار حتى يصبح الظلم "ماركة إعلامية" مسجلة من منظوركم الوقح؟
الله المستعان