البروفيسور قاسم المحبشي يكتب : حينما أكتشف أبي طبيعة تخصصي...
منبر الاخبار / خاص
كشف البروفيسور اليمني قاسم المحبشي في منشور له على يومياته في الفيسبوك عن مالم يكن يريد أن يعلم به أحد من أقاربه ماذا يدرس في الجامعة بعد تخرجه من الثانوية وانهاء خدمة التجنيد الالزامي..
وتحت عنوان : " حينما أكتشف أبي طبيعة تخصصي..في معنى أن تتخصص فلسفة باليمن "..
وقال البروفيسور المحبشي في نص ماكتبه :
لا أعرف من الذي أخبر أبي باسم تخصصي؟.. إذ كنت شديد الحرص على إن لا يعلم أحد من أقاربي بماذا ادرس؟!..يعلمون فقط بانني طالب جامعي وهذا يكفي للفخر والاعتزاز تلك الأيام إذ كانت الجامعة بوصفها مؤسسة أكاديمية حديثة وجديدة هي حلم الأباء والأمهات لتدريس اولادهم...
جامعة عدن هي المؤسسة الأكاديمية الوحيدة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل (( الوحدة المباركة))كانت الجامعة تفتح أبوابها لذكور الطلاب بعد أداءهم الخدمة العسكرية الإجبارية. خدمت لمدة عامين في سلاح المهندسين. معسكر شديد الانضباط والصرامة وما فيش فيه يامه ارحميني ابسط مخالفة كان المجند يدفع ثمنها غاليا جدا: اقلها الزحف ( تمساح) في الميدان الأسود لمدة ساعة وفي عز الشمس. حدث معي مرة واحدة وشفت النجوم في عز الظهر...
عامان من التجنيد العسكري الإجبار القاسي كانت كفيلة بجعل الجامعة تبدو في عيني جنة الله في أرضه...
ذهبت إلى كلية التربية العليا بجامعة عدن ممشوق القوام مثل السيف بعد أن حنكتني الخدمة العسكرية وعصرتني عصرنا وذوبت شحوم جسدي التي تراكمت من سني طفولتي الأولى ( سنوات السمن العدني والعسل الردفاني والحليب الهولندي) كنت اعبهن عبا.. المهم في الجامعة كنت سعيدا جدا بالحياة الجامعية وشديد الانضباط بحضور المحاضرات في قسم الفلسفة والاجتماع. وكان أبي يأتي لزيارتي بين الحين والآخر ويعطيني بعد النقود تشجيعا صامتا كعادته...
ظل الأمر على هذه الحال حتى جاء أبي رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته؛ جاءني وقد اكملت السنة الثانية فلسفة بتقدير ممتاز. اتذكر ذلك اليوم كانت الوقت عصرا. كنت مع بعض الزملاء في غرفتنا بالقسم الداخلي. دخل أبي علينا متجهما. نهضت لاستقباله وسألته عن حاله وحال أمي والأهل. فكان رده ماذا تدرس يابني ؟.. كان سؤاله بالنسبة لي اشبه بالصعقة الكهربائية..لأني أعرف المعنى الرمزي في كلام أبي رحمة الله عليه..
وكأنني مستعدا لمواجهة هذه السؤال المتوقع أجبته: ادرس علوم تربوية . تلك هي كلية التربية العليا . ايش تتوقع يدرسون فيه؟!.. قال لي بلهجته الذكية: خل خلي هذه الصمادع .. مش عليا يا بن رقية... قل لي ايش تدرس؟.. واضاف سمعت أنك تدرس سورة الكلاب.. انفجرت ضاحكا من ذلك الوصف الخطير لتخصص الفلسفة ولم أتمالك نفسي من الضحك وكذلك فعل زملائي إلى درجة الصراخ ( سورة الكلاب يا عم عبد!) ..
قال أحد الزملاء الذين اجبروا على دراسة التخصص ولم يحبه أبدا اسمه ( ف، ز، ع) هههههههه الله يذكره بالخير. طبعا عرفت فيما بعد إن الذي اوشى بي عند أبي هو أحد زملائي الذي كانوا يعانون من صعوبات الفهم والنجاح. رحمة الله عليك يا أبي. والف رحمة عليك رقية أمي....