شخصيات وطنية وسياسية وتربوية وإعلامية تتحدث عن العالم الديني والتربوي (محمد الفقيه مثنى) في ذكراه الثالثة 

شخصيات وطنية وسياسية وتربوية وإعلامية تتحدث عن العالم الديني والتربوي (محمد الفقيه مثنى) في ذكراه الثالثة 

منبر الاخبار: خاص

عدن/ تقرير - هشام الحاج:

تذكرنا هذه الأيام بالذكرى الثالثة لرحيل الشيخ والعالم محمد الفقيه مثنى وهو من شيوخنا وعلمائنا الأفاضل الذين كانوا ومازالوا يشكلون نموذجاً للقدوة الحسنة. 

وهنا نستذكر سيرة عالم جليل ورجل دين قضى عمره كله وهو يتطلع في كل لحظة لإرضاء الله عز وجل، ليكون الحديث عن الشيخ والعالم الجليل محمد الفقيه، الذي يحار المرء ماذا يكتب أو من أين يبدأ الحديث عن شخصية عالم جليل وظاهرة فريدة من نوعها بين العلماء في اليمن والضالع بشكل خاص، يوقن السامع أننا بصدد الحديث عن شخصية المرحوم الشيخ العالم محمد الفقيه مثنى فهو بحق ظاهرة تستحق التعميم. 

# ذكرى خالدة ..

حيث حياته كانت مليئة بالنضال والتضحية وسيرته كلها شرف وإباء وتقى، ما توانى عن خدمة دينه ومحافظته الضالع لحظة واحدة ولم يتخاذل في المواقف العصيبة والمصيرية، ولا بد من التأكيد على أن سماحة الشيخ العالم محمد الفقيه ذكراه حية والدة، فهو لم ولن يصبح غائباً بل سيظل علماً مرفوعاً فوق سارية الإحسان والعطاء فأعماله وفتاويه ومواقفه ستبقى ماثلة أمامنا ونسال الله له حسن الجزاء فللعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة، ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام .

# سيرة ذاتية..

ولد محمد الفقيه في عام 17/10/1941 م في مدينة الضالع ونشأ يتيم الابوين حيث تلقى تعليمه الأساسي في مديريه قعطبة وكان محبا للعلم مجتهدا ومن أوائل الطلاب لما منحه الله هذا الذكاء والفطنة والعزيمة والإصرار التي كان يتمتع بها في التعليم وكان عالمنا الفاضل الفقيه يتميز بأخلاق فاضله كالصدق والأمانة والشجاعة وسلامه الصدر وحب الخير للآخرين جعلته عند الاخرين مهابا وحب واحترام من زملائه ومن اقرانه المعلمين وكان منذ الصغر من صفاته آنفة الذكر منح نفسه إعطاء دروس علميه وتحفيظ القرءان ليثري به زملائه وطلابه في حلقات خاصه ويعتلي منابر المساجد خطيبا وعالما واماما .

تدرج هذ العلم معلما في مدرسه الضالع الابتدائية في 5/1/1959م لسنوات ومن ثم تم نقله الى مدرسه الإصلاح في يافع واستمر فيها معلما لعام ونصف وثم تم نقله الى مدارس الضالع .

كما تدرج في عمله موجها فني لسنوات ثم مديرا لمدرسه -علي محمد صالح في الضالع ومن ثم تم تعينه مدير عام لمديرية الضالع في عام 1996 م ،حاصل على دبلوم عالي في دار المعلمين في مدينة الشعب عدن ولديه العديد من الشهادات التقديرية من رئاسة الوزراء ودولة رئيس مجلس الوزراء حيدر أبو بكر العطاس حيث تم منحه وسام مناضلي حرب التحرير.

يعد المرحوم والقامة العلمية الأستاذ الفاضل محمد الفقيه رحمه الله من امهر من يكتب ويرسم الحرف العربي بامتياز وبراعه وكان كثير من طلابه يتأثر فيه تأثيرا كبيرا وقلدوه في أصول وكتابه الخط واصول الفقه وكانوا كثيرا منهم يعتبرونه الاب الحنون والمعلم العطوف البارع في تدريس طلابه مناهج التعليم والدين الصحيح.

# بعض من كلمات ومرثيات في رحيل العالم محمد الفقيه ..

- تعزية الرئيس عيدروس الزبيدي

بعث الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي برقية عزاءٍ ومواساة في وفاة الشخصية التربوية والاجتماعية الأستاذ والشيخ الجليل محمد الفقيه مثنى، الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الإثنين ١٠ مايو ٢٠٢١ م الموافق ٢٨ رمضان ١٤٤٢ هجرية، بمحافظة الضالع، إثر مرض عضال، بعد حياة حافلة بالعطاء.

وعبّر الرئيس الزُبيدي في البرقية عن خالص تعازيه وعظيم مواساته إلى أبناء الفقيد المهندس عبدالباسط، والشيخ محمد، وبلال، ومقداد محمد الفقيه، وإخوانه، وأفراد أسرته كافة، ومشاطرته لهم الأحزان في هذا المصاب الأليم.

وأكد الرئيس الزُبيدي أن الضالع والجنوب، خسرا برحيل الأستاذ والشيخ محمد الفقيه، هامة تربوية عظيمة، ومربياً فاضلاً، ومعلماً كريماً، وشيخاً جليلاً، أفنى عمره في تعليم الأجيال وتنويرهم، وغرس فيهم قيم التضحية والفداء وحب الوطن.

وابتهل الرئيس الزُبيدي في ختام برقيته إلى المولى تعالى بأن يتغمد الفقيد بواسع الرحمة والمغفرة، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه، الصبر والسلوان.

إنّا لله وإنّا إليه راجعون

- كلمة الأستاذ/ فضل الجعدي 

منذ نعومة اظافرنا عرفنا الاستاذ النبيل الفقيد محمد مثنى الفقيه مربيا فاضلا وتربويا من ذلك الطراز الذي حفل بقيم الخير والمحبة والتسامح ونشر الفضيلة بكل معانيها السامية وما تقود اليه من وشائج الالفة والطمانينة في النفوس والعقول والقلوب وتهذيب النفس من نوازع الشر والانا والاحقاد والضغائن ، ولقد كان في مكانة عالية من الاخلاق والنزاهة والشرف ونظافة اليد واللسان والسريرة ، قضى جل عمره في الحقل التربوي وكان من ابرز رجالاته ومؤسسيه في الضالع ، تتلمذنا على يديه اجيال واجيال وتخرج من مدرسته اطباء ومهندسين وقضاه وقادة عسكريين وسياسيين ودعاه ، كما تخرج ايضا على يديه ابطال ومناضلون كثر ، فقد كان مدرسة تعليمية وتربوية ونضالية ودينية ، علاوة على انه مثل احد اهم ركائز الضالع ومن وجاهاتها الاجتماعية التي يشار اليهم بالبنان .

اختط الاستاذ محمد الفقيه لنفسه خط الوسطية والاعتدال وكان الداعي الورع والخطيب المفوه والناقد الشجاع لكل الظواهر السيئئة واتخذ المنبر للوعظ والارشاد بمنهجية المعلم والمربي وليس بطريقة الوصي والوكيل ، وانتصر للعدالة الحقة ولقضايا المجتمع ولمظالم الناس، وطوال تاريخه النضالي والتربوي كان عفيفا ونزيها وصوتا صادحا بالحق، اتسمت مسيرته بالعطاء الكبير ورفع منسوب القيم والاخلاق وكان بسيطا قريبا من كل الذين احبوه ووضعوا له مكانة خاصة في قلوبهم بكل مشاعر التقدير والاحترام ، واستمر شعلة لا تنطفىء من الجهد العبق بالمحبة والمضمخ بشذى الفضائل حتى توفاه الله .

لقد كان الفقيد من اشد المدافعين عن الحقوق واصلاح ذات البين والمدافعين عن العادات والتقاليد الحميدة ومكارم الاخلاق ووحدة المجتمع حيال كل المظاهر المسيئة لابناء الضالع وتاريخها ووقف وقفة المحارب ضد كل السلوكيات المنحرفة والبلطجية والتقطع التي هدفت لتشويه نضالات وتاريخ الناس ، وقد ابلي بلاء حسنا حين تسنم مسئولية مدير عام مديرية الضالع وقدم الكثير من الخدمات والاصلاحات والمشاريع وحل القضايا العالقة وقدم صورة رائعة بكل امانة وشرف في ادائه وتعامله وصدقه ونظافة يده ، وحين وصل مع السلطة الى طريق مسدود في كثير من المسائل المتعلقة بتقديم الخدمات للمديرية وابنائها لم يتردد لحظة واحدة في تقديم استقالته حفاظا على ماء وجهه وعلى قيم الصدق والاخلاص التي كانت احد سجاياه .

لقد خسرت الضالع برحيله هامة من هاماتها وركن من اركانها ، وصعدت روحه إلى بارئها نقية مترعة بالسمو والطهر ، وخلف وراءه تاريخ مشرق من القيم الخالدة التي لا تموت ، وسيبقى الفقيد حيا في وجدان وضمير الأجيال التي نهلت من نبعه حروف الابجدية والعلم والمعرفة ومكارم الأخلاق ، وخالدا في قلوب الشرفاء ..

لروحه السلام والرحمة والطمأنينة ، وانا لله وانا اليه راجعون .

- كلمة اللواء صالح عبيد احمد 

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون}

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الأستاذ الفاضل. والعلامة مؤسس التربية والتعليم بالضالع المناضل الوطني الكبير محمد الفقيه مثنى المدير العام الأسبق لمديرية الضالع صباح يوم الاثنين ١٠ مايو ٢٠٢١ م الموافق ٢٨ رمضان ١٤٤٢ هجرية بعد معاناة مع المرض.

لقد كان رحمة الله تغشاه من الطلائع الأولى لثورة الرابع عشر من أكتوبر ٦٣م حيث يعد أبرز المؤسسين لحركة القوميين العرب فرع الضالع وعلى يديه تتلمذ عدد من الكفاءات الوطنية من الضالع ممن تسنموا مناصبا قيادية رفيعة في قيادة الدولة أكان ذلك في الحكومة أو السلك الدبلوماسي أو الأمني والعسكري وقد قضى سني عمره الطويلة في خدمة الوطن .

- كلمة الدكتور/ صالح محسن الحاج

وداعا معلمنا الأول

"قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا 

كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا 

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي 

يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا".

هذه الكلمات قالها الشاعر احمد شوقي ، وكنت كلما رأيت أستاذنا الجليل محمد الفقيه أو تواصلت معه أو تذكرته ، تبرز في ذهني هذه الكلمات وكأنها قيلت فيه أو كتبت له .

الأستاذ محمد الفقيه ، قنديلًا مضيئًا في ذاكرتنا التربوية والتعليمية والثقافية والدينية والوطنية ، فهو معلمنا الأول ومربينا الأول ، وكنا صغارًا نراه ملاكًا يسير على الأرض وكنت شخصيًا كلما رأيته أرى الفضيلة تمشي على قدمين . 

وكلما نستطيع قوله في هذا المقام الحزين هو أنه قد أدى رسالته في هذه الحياة وربى أجيالًا وقال كلمة الحق وكان صادق القول ، صلب المواقف ، ووطنيًا شجاعًا ووفيًا، جزاه الله عنا كل خير في كل حرف وكل كلمة علمنا إياها، وسوف نظل نحمل له كل التقدير والمحبة.

- كلمة الأستاذ/ علي محسن سنان

استاذ ومعلم ومربي الاجيال محمد الفقيه امام وخطيب الجامع الكبير الاسبق تشرفت وصدفة باللقاء به والتسليم عليه قبل صلاة العشاء في احدى ليالي رمضان في لجامع الكبير وهي الليلة الاولى منذ بداية رمضان يصلي في الجامع العشاء والتراويح.

 وانا اقف في حضرة ومقام هذا العلم والرمز الوطني والتربوي والتعليمي تشعر بهيبته وحضوره القوي في المكان والزمان والفؤاد كيف لا وانا تلميذه منذ سنتي الدراسية الاولى في 69م من القرن الماضي .

فالاستاذ محمد يعد من امهر من يكتب ويرسم الحرف العربي وبإمتياز وبراعة ومرت السنون الى ان شاءت الاقدار ان اكون معلما للغة العربية في مدرسة صالح قاسم ثامن وسابع اساسي في 84وحتى 87م ومن ثم في عام 91م معلما لنفس المادة ونائب له وكان مديرا لمدرسة صالح قاسم بناء” على طلبه واهتمامه.

جمعتني باستاذي الكثير والكثير من المواقف والاعمال والانشطة المشتركة اداريا ورياضيا واجتماعيا.

وهنا اسجل للتاريخ انه لايمكن ان ينجز اعمار الجامع الكبير اذا لم يكن الفقيه هو العامل والمشرف الدأئم وبقلق لافت ومتابعة مستمرة حتى انجازه التام.

 

وكنت ضمن وفد من الانتقالي قبل عامين لزيارته وتكريمه اذ ابكى الجميع واغرورقت الدموع في الاعين عندما قال كلمته كنتم تكرموني عند موتي .

- كلمة د. احمد علي عبداللاه 

كنا صغاراً وكانت عناصر الطبيعة بالنسبة لنا مختلفة عما ذهب اليه فلاسفة الشرق الأقصى أو من أتى بعدهم، فقد انحصرت ببساطة في: المدرسة، ملاعب الطفولة، المطر، حقول القمح ووجه الاستاذ المربي الكبير محمد الفقيه. جميعها ملأت حياتنا و اعتبرناها لا شعوريا "اللطائف الخمس" الحسية التي أيقظت مراكز الإدراك قبل أن يتوسع مداه نحو آفاق بعيدة.

هكذا كانت البدايات جميلة وبسيطة لا يشغلنا شيء خلالها سوى الدروس الصباحية في "الحساب" واللغة والدين و"المحفوظات" وقليل من التاريخ والجغرافيا، ثم نتفرغ لملاحقة الفصول الأربعة التي تتناوب بخفة وسلاسة.. ويثير شغفنا قوس قزح وموسم الجراد والسيول التي تغمر بين حين وآخر مساحات واسعة حولنا. لم نكن نعلم بالتفصيل ماذا يوجد وراء الجبال وإلى أين تنحدر الأودية، وكيف ينسكب الضباب على الأرجاء، ولم يخطر على البال أن نسأل عن النهر السماوي المرصع بالنجوم أو حتى معنى ثاني أكسيد الكربون وكيف يتناوب غبش الدجى مع نقاء الصباح.

كنا تلاميذه الصغار وبعد أن كبرنا أصبحنا تلاميذه أيضاً، نكبر ويزيد مقامه علواً وتكبر محبته فينا لأننا منذ الصغر اعتبرناه ثابت في حياتنا لا تنال منه الأزمنة ولا تغيره الأعمار وظلت تلك مشاعر طاغية لدى كثيرين ممن تتلمذوا على يده وعرفوه حق المعرفة.

استاذنا الكبير محمد الفقيه عاش حياته مجتهداً بصورة نادرة ليخدم الأجيال والمجتمع في مجالات عدة وكان نموذجاً ورمزاً محبوباً لا يستطيع أحد أن يأخذ مكانه في قلوبنا.

وجهه المشرق وابتسامته النقية ونبرات صوته المميزة وابداعاته المختلفة وكل ما تعلمناه منه صغاراً وكبارا، وكلما خطت يداه على دفاترنا وما ترك من أثر على صفحات حياتنا خلال سنين طويلة... كل ذلك نحمله في وجداننا وذاكرتنا مع كثير من الحب والوفاء ما عشنا على ظهر هذه الأرض.

رحمك الله أستاذنا القدير وأسكنك فسيح جناته.

- مسك الختام..

أخيرا عاش ومات هذ العالم الديني والتربوي الوطني محمد الفقيه رحمه الله عليه مجتهدا بصور نادره واصاله بين اجياله ومجتمعه يمتاز بها كنموذج ورمزا وعلما من اعلام الوطن الذي لا يمكن لاحد ان يأخذ مكانه في العلم والتربية والتعليم والدين وفي قلوب تلاميذه الصغار الذين كبروا وهم يتذكرون هذا العالم الديني والتربوي والوطني الذي كان يمزج بين اعتداله الديني ووسطيته الوطنية السلوكية ووجهه المشرق وابتسامته النقية ونبرات صوته المميزة من خلال ابداعاته المختلفة التي ترك اثرا على صفحات حياتهم خلال طيلة عقود من الزمن كل ذلك مازالت ذكرياتهم ووجدانهم يتذكروا هذه القامه الدينية والتربوية التي علمهم حب الدين والوطن أخيرا قضى سنين عمرة الطويلة في خدمة الدين والوطن والاجيال التي تقلدت مناصب رفيعة في الدولة .

مات العالم الفقيه وترك في قلوب محبيه في الضالع وعدن التي مكث فيها كثيرا والذي اثر في العديد من طلاب العلم والدين تأثروا به كعالم ديني نقي لا يسعى للمناصب وكان يدور في خلده كيف يعلم الأجيال دينهم ووطنيتهم .