قيود حو...ثية تعمّق أزمة الاستيراد والقمح في اليمن...
منبر الاخبار / خاص
في تصعيد جديد ضمن الحرب الاقتصادية الدائرة في اليمن، تواصل جماعة الحوثي فرض قيود مشددة على حركة الاستيراد عبر منع دخول البضائع القادمة من المنافذ البحرية والبرية الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وإجبار المستوردين على تحويل شحناتهم حصراً إلى موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرتها.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تعاني فيه موانئ الحديدة تراجعاً كبيراً في قدرتها التشغيلية، نتيجة الضربات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت مرافق الموانئ خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى تعطّل جزء من الأرصفة والرافعات، إضافة إلى أضرار طالت منشآت «ميناء رأس عيسى» المخصص لاستقبال الوقود.
وأكدت مصادر تجارية في صنعاء لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن الجماعة تحتجز منذ أسابيع عشرات الشاحنات في النقاط الجمركية المستحدثة على خطوط التماس، بذريعة مخالفة التعليمات الجديدة التي تُلزم التجار بإدخال بضائعهم عبر موانئ الحديدة فقط. وتشير المعلومات إلى أن هذه السياسة تهدف إلى تعظيم الموارد المالية للجماعة بعد فقدان نحو 75% من عائدات الجمارك التي كانت تحصل عليها من البضائع الداخلة عبر المنافذ الحكومية.
وبحسب المصادر، فقد شملت القيود الحوثية شحنات الأخشاب المستوردة، التي مُنعت رغم عدم إدراجها ضمن قوائم السلع المحظورة الصادرة عن وزارتي المالية والتجارة التابعتين للجماعة. وتابعت المصادر أن الحوثيين يسعون إلى عقد صفقات مع التجار تسمح بدخول الشحنات مقابل توقيع تعهدات بعدم الاستيراد مستقبلاً عبر المنافذ الحكومية، في خطوة وُصفت بأنها «ابتزاز اقتصادي منظم».
وعلى الرغم من فشل الجماعة في إعادة تشغيل ميناء الحديدة بطاقة تشغيله السابقة، لجأت إلى توجيه السفن نحو ميناء الصليف الأقل تضرراً، مقابل تقديم حوافز مالية وإدارية للمستوردين، مع السماح بتسويق بضائعهم حتى داخل مناطق الحكومة.
وتشير تصريحات مسؤولين حكوميين إلى أن الحوثيين لا يكتفون بالإغراءات، بل يمارسون ضغوطاً مباشرة على المستوردين، تشمل خفض سعر الدولار الجمركي والسماح بدخول سلع مخالفة للمواصفات الخليجية المعتمدة في اليمن، وهو ما يمثل – وفق الجهات الحكومية – تهديداً لصحة المستهلكين واستقرار السوق، في ظل رفض الحكومة إنشاء نقاط رقابة مشابهة لما استحدثته الجماعة.
أزمة القمح والطحين
وامتدت سياسات الحوثيين إلى المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها القمح والدقيق، إذ منعت الجماعة استيراد الطحين بحجة الاكتفاء الذاتي عبر المطاحن المحلية في الحديدة، عقب استئجارها «مطاحن البحر الأحمر». غير أن الطاقة الإنتاجية لهذه المطاحن لا تغطي نصف احتياجات السكان وفق مصادر تجارية.
وتُظهر بيانات زراعية أن المساحات المزروعة بالقمح في الجوف لا تنتج سوى أقل من 5% من احتياجات السوق، فيما يُباع القمح المحلي بأسعار أعلى بكثير من المستورد، حيث يبلغ سعر كيس القمح (50 كغ) نحو 20 ألف ريال يمني، مقارنة بـ12 ألف ريال للمستورد (الدولار ≈ 535 ريالاً في مناطق الحوثيين).
وتتهم مصادر تجارية مسؤولي وزارة الصناعة والتجارة ومصلحة الجمارك الحوثية بتعمد خلق اختناقات تموينية لتصريف مخزون القمح المحلي المكدس. كما كشفت المصادر عن مصادرة مساحات واسعة من أراضي زراعة القمح في الجوف عبر ما يعرف بـ«الحارس القضائي»، ومنحها لقيادات حوثية تستثمرها مقابل توريد عائدات خاصة لصالح الجماعة.
كما أفادت المصادر بأن معظم مزارع القمح أُجرت من الباطن لتجار نافذين يحصلون على أموال ضخمة من المال العام والمساعدات تحت غطاء «دعم الإنتاج الزراعي»، ما أسهم في فشل مشاريع القمح المحلية وتكرار الأزمات التموينية وارتفاع الأسعار.
وتكشف معلومات من القطاع التجاري عن صراع متصاعد بين مستوردي القمح والمستثمرين المقربين من الجماعة، عقب إجبار المستوردين على شراء القمح المحلي مرتفع التكلفة، محملين هذه السياسات مسؤولية تفاقم الأزمات الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين وخارجها.




