المهندس صالح المحبشي يكتب عن صلاة تحت المطر، ومهرجان من الذاكرة..

منبر الاخبار / منبر الرأي...
على أرض المهجر، في ولاية ميشيغان، مدينة ميفديل في الولايات المتحدة الامريكية...كان الاستاذ المهندس صالح المحبشي مدير مدرسة الروضة الكندية الدولية في العاصمة عدن متواجدا وصلى هناك صلاة عيد الأضحى...
وكتب على يومياته في الفيسبوك قائلا :
كان صباحًا استثنائيًا من صباحات الله، حين لبست الروح أجمل أثوابها، وتهيأت القلوب لاستقبال عيد الأضحى المبارك...
صليت صلاة العيد لأول مرة على أرض المهجر، في ولاية ميشيغان، مدينة ميفديل ، في الساحة الواسعة للمدرسة المتوسطة. حضرنا مبكرًا، عند الساعة السابعة والنصف صباحًا، غير عالمين أن وقت الصلاة هنا يبدأ في الثامنة والنصف.
كانت السماء ملبدة بالغيوم الرمادية، توحي بالسكينة، حتى بدأت زخات المطر تنهمر بخفة، كأنها تبتهج معنا بهذا اليوم الجليل..
ازدانت الساحة بجمع غفير من المسلمين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، اجتمعوا على اختلاف أصولهم وجنسياتهم، تؤلفهم وحدة الإسلام ومهابة العيد. التنظيم كان رائعًا، رجال الأمن يديرون حركة الدخول منذ نقطة تفتيش تبعد أكثر من ميل، في مشهد منضبط يبعث على الطمأنينة...
أُقيمت الصلاة، وصدح صوت الإمام بخشوع، معلنًا بداية خطبة العيد. لكن زخات المطر بدأت تشتد شيئًا فشيئًا، حتى اضطر بعض المصلين إلى مغادرة المكان مسرعين نحو سياراتهم، وبقيت فئة قليلة ثابتة تحت المطر، تستظل بالإيمان...
اختصر الإمام خطبته، مراعاةً للأحوال الجوية، ثم انصرفنا بقلوب عامرة ووجوه مبتلة، لا من المطر فقط، بل من أثر الخشوع والحنين...
عدنا إلى منازلنا بصحبة العزيز مأمون، وزوجتي، وابنتي، وأحفادي الأحبة: زيدان، وحمود، وهاجر، وليث. تبادلنا التهاني والتبريكات، وجلسنا حول مائدة المحبة نستعيد طقوس العيد كما لو كنا في حضن الوطن...
ثم كان لنا موعد آخر، لا يقل بهجة، في مهرجان يافعي تراثي، جمع أبناء يافع من المدينة والمناطق المجاورة في ميشيغان...
كان مهرجانًا استثنائيًا، تفوح منه رائحة الأرض، وتنبض فيه روح الانتماء...
تخلل الحفل فقرات مبهجة للأطفال، وعروض فلكلورية يافعية أصيلة، أحيت فينا ذاكرة الجبال، ورائحة البن، وصوت المداكي. وكان لي شرف إلقاء كلمة باسم الجالية اليافعية، تحدثت فيها عن الحب، والوفاء، والجذور التي لا تموت مهما بعدت الديار...
غمرت السعادة وجوه الأطفال، وازدانت الأجواء بمسابقات ثقافية عن التراث والوطن، غلفها الفخر والانتماء...
كل الشكر والتقدير للجنة المنظمة، بقيادة المهندس أدهم جميل، وللشباب الداعمين الذين تكفّلوا بتكاليف الحفل بسخاء وطيب نفس...
ولا يفوتني أن أرفع أسمى آيات الامتنان للأب الروحي للجالية الجنوبية واليمنية في ميشيغان، الأستاذ علي بلعيد، الذي ظل حضوره المعنوي نبراسًا لهذا المجتمع، وركنًا من أركان وحدته.
هكذا كان عيدنا في الغربة… عيداً من نوع مختلف، جمع بين الطقوس الإيمانية، والحنين للوطن، والفرح الذي لا تحدّه المسافات....