بعد أن عصفت بها الخلافات .. تدخل حكومي يمنع مجموعة الشيباني التجارية من الانهيار

بعد أن عصفت بها الخلافات .. تدخل حكومي يمنع مجموعة الشيباني التجارية من الانهيار

منبر الأخبار

 

 

حين يصبح رأس المال الوطني، مهددا بالانهيار، والشركات التجارية التي تٌشكل ركيزة أساسية في عصب اقتصاد البلد، تتجاذبها قفازات التقسيم والتشظي، يحضر دور الجهات الرسمية للحفاظ على المكتسبات الصناعية ذات البعد الوطني، انطلاقا من المسؤولية الوطنية من أجل استمرار النشاط التنموي والحفاظ على فرص عمل الآلاف من العاملين في هذا القطاع.

تجّسد هذا الدور مؤخراً من خلال قيام وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة اليمنية، بمنع تغييرات غير قانونية، تحت القوة، في مجموعة الشيباني التجارية، وتوجيهها بتثبيت الإدارة القانونية والفعلية للمجموعة، استنادا إلى اللائحة الداخلية لمجموعة الشيباني التجارية.

وجاءت هذه الخطوة، بناءاً على توجيهات من رئيس مجلس الوزراء، معين عبدالملك، حيث تضمنت المذكرة التي حررت بتاريخ 14 من فبراير الجاري، بتثبيت القيادة الفعلية للمجموعة التجارية، ممثلة برئيس مجلس الإدارة، أبو بكر الشيباني، بموجب أنظمة الشركة، كون ما حدث من محاولات لتغيير الإدارة، لم يكن لها أي صفة قانونية.

واستند التدخل الحكومي، إلى اللائحة الداخلية لمجموعة أحمد عبدالله الشيباني التجارية، وقانون الشركات التجارية، حيث قرر مكتب الصناعة والتجارة في محافظة تعز، العمل بوجب التوجيهات الحكومية، وتثبيت الإدارة الفعلية والقانونية للمجموعة التجارية ممثلة بالمدير العام أبو بكر الشيباني.

هذه التدخلات الحكومية، جاءت بعد محاولات متكررة، للانفراد بالسيطرة والقرار على المجموعة التجارية العريقة، من قبل أحد أبناء المؤسس أحمد عبدالله الشيباني، دوناً عن بقية أبنائه الذين منحوا ثقتهم الكاملة لرئيس مجلس الإدارة السابق أبو بكر الشيباني.

عبدالكريم النجل الأكبر للمؤسس أحمد عبدالله الشيباني، سبق وأن قاد المجموعة التجارية العريقة قبل عقود من الزمن، لكنه كاد أن يقضي على المجموعة بعد أن تراكمت مديونيتها وأفلست العديد من القطاعات التابعة لها، وتم وضعها في القائمة السوداء من قبل البنك المركزي، لكنه تم استبعاده من قبل والده، وتم الاستعانة بنجله الآخر أبو بكر الذي عاد من الخارج، وتمكن من إعادة ترتيب أوضاع المجموعة التجارية، وأنقذها من شبح الانهيار.

عاد عبد الكريم مجدداً في محاولة للانفراد والسيطرة على المجموعة، من خلال استغلال قربه من والده الطاعن في السن، وتمكينه من السيطرة على المجموعة التجارية، لكنّ هذه التدخلات الحكومية، قضت على آماله في تمزيق الشركة، وبيع أصولها، وشكلت سياج حماية للحفاظ على المجموعة التجارية العريقة وحقوق الشركاء والمساهمين والموظفين.

خلال الفترة القريبة الماضية، عاد عبد الكريم لممارسة هوايته السابقة في تدمير المجموعة التجارية وبيع أصول الشركة بثمن بخس، حيث تفيد وثائق مسربة بقيام عبد الكريم ببيع أصول تابعة للمجموعة التجارية بقيمة بمبلغ 14 مليون ريال في 1فبراير من العام الجاري، في حين أن قيمتها الحقيقة تقدر بثمانية مليار ريال، وهو يعتبر أمر ممنهج لتدمير المجموعة التجارية.

الوثائق التي حصلنا عليها، كشفت عن بيع 48% من شركة شيبان أوتو سيتي و48%من شركة نور شيبان، بمبلغ 7مليون و200 ألف ريال لكل شركة وبإجمالي 14مليون و500 ألف ريال بينما قيمتهما الحقيقية تصل لـ أكثر من 8 مليار ريال.

وفي ظل هكذا أوضاع خطيرة، تكاد تعصف بالمجموعة التجارية، اعتبر العديد من موظفي الشركة أن التوجيهات الحكومية، التي تقف إلى جوار الإدارة السابقة للمجموعة التجارية، خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل إعادة انتشال المجموعة التجارية وحمايتها من الانهيار والحفاظ على حقوق الشركاء والمساهمين والموظفين.

وما بين هذه المحاولات للانقلاب على الإدارة القانونية للمجموعة التجارية، والتوجيهات الحكومية، التي تمنع ذلك، مرّت مجموعة الشيباني التجارية بمنعطفات خطيرة، وخلافات عميقة كادت أن تمضي بها نحو التمزيق والتشظي والانهيار.

* أصل الحكاية

تعود بداية المشكلة، والخلافات الأسرية، في المجموعة التجارية، لأكثر من عشرين عاما، حيث كان نجل الحاج أحمد عبدالله الشيباني (عبدالكريم) يدير الشركات في اليمن، والابن الثاني للحاج وهو (أبو بكر) منتدب من قبل والده لتوسيع عمل الشركات خارج اليمن، وفقا لمصادر متطابقة.

 أما الابن الثالث، عمر، والرابع إبراهيم، فكان يعملان في المجموعة داخل اليمن، وخلال تلك السنوات التي سبقت مطلع الألفية بعام أو عامين وإبان إدارة الابن الأكبر عبد الكريم أحمد عبدالله الشيباني، حدث تدهور كبير في مجموعة شركات الشيباني، سببه سوء إدارة عبدالكريم للشركات، ووصل التدهور ذروته حين أصدر البنك المركزي اليمني مذكرة أدخل بموجبها مجموعة شركات أحمد عبدالله الشيباني في القائمة السوداء.

وعند استفسار معد التقرير، من جهات قانونية داخل المجموعة التجارية، وأخرى تعمل منذ التأسيس، عن أسباب تضمين المجموعة في القائمة السوداء من قبل البنك المركزي، كشفت أن ذلك يعود للعديد من المخالفات التي ارتكبت في عهد إدارة نجله عبدالكريم، حيث أدى سوء الإدارة إلى تراجع الإنتاج، وتراكم المديونية.

عقب ذلك، تنبه، الحاج أحمد عبدالله الشيباني، للتدهور الحاصل في المجموعة؛ فقرروا استدعاء ولده أبو بكر للعودة الفورية إلى اليمن ليتسلم مهام إدارة المجموعة، خلفاً لأخيه عبدالكريم الذي أوصل المجموعة إلى درجة الإفلاس؛ وامتثالاً لطلب والده عاد أبو بكر إلى اليمن وتسلم زمام إدارة مجموعة شركات أحمد عبدالله الشيباني مطلع العام 2001م.

بشكل تدريجي، بدأ أبو بكر، العمل على تسديد مديونية الشركات، وإصلاح ما أفسدته الإدارة السابقة في المجموعة، وصولاً إلى مرحلة التسوية التامة وتصفير المشاكل، ثم الانطلاق نحو التقدم والمنافسة، والتوسع في الداخل والخارج.

عقب تسلم أبو بكر أحمد عبدالله الشيباني، مهام المجموعة خلفا لأخيه عبدالكريم، الذي تسبب بتراكم مديونية الشركة، أعاد الشركات في بريطانيا للعمل والإنتاج، وافتتح فروعاً للشركة في الإمارات والأردن، ووصلت المجموعة إلى الاستقرار التام في جميع الجوانب.

دفعت النجاحات التي حققها أبو بكر نجل الحاج أحمد عبدالله الشيباني، نجله الأكبر " عبدالكريم"، إلى رفع منسوب الخلاف، بين الأبناء، حيث تطورت حدة الخلافات بدرجة كبيرة، وصلت إلى إشهار السلاح في وجه الحاج أحمد عبدالله الشيباني، من قبل نجله الأكبر، " عبدالكريم، في اجتماعات سابقة لمناقشة أوضاع المجموعة التجارية.

* وساطات رجال أعمال

منعاً لمزيد من الانفلات ولإعادة الأمور إلى نصابها، سعت شخصيات تجارية ورجال أعمال بارزون، على التدخل وتقديم النصح، لاحتواء الخلافات، من أجل الحفاظ على المصلحة العامة، حيث تمكن رجل الأعمال البارز عبد الجبار هائل سعيد أنعم، من لقاء الحاج أحمد عبدالله الشيباني في مدينة تعز، وتقديم النصح والمشورة لإعادة المياه إلى مجاريها.

وقالت مصادر وثيقة الاطلاع، إن لقاء عبدالجبار هائل مع مؤسس مجموعة الشيباني، خطوة في الاتجاه الصحيح، للتحرك من أجل منع المجموعة التجارية من التشظي وتحقيق المصلحة العامة.

وأعربت المصادر عن أملها في أن تتكلل هذه الجهود، بالنجاح، وتمنع انزلاق المجموعة التجارية إلى مزيد من الخلافات، وتعيد الاستقرار إلى المجموعة التجارية.

ويضطلع القطاع الخاص بدور كبير من أجل العمل على تماسك الشركات العائلية التي تعد ركيزة هامة في التنمية الاقتصادية، والحفاظ عليها من الخلافات والتشظي، لأهميتها في تحقيق البناء والتنمية والاستقرار.

* "أبو بكر" بارقة أمل المجموعة

يرى العديد من العاملين في المجموعة التجارية، أن التوجيهات الحكومية الأخيرة، تُشكل بارقة أمل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها وحماية مجموعة الشيباني التجارية من الانهيار والإفلاس.

وتؤكد مصادر تجارية، أن أبو بكر الشيباني، يحظى بسمعة جيدة، وصاحب خبرة إدارية محنكة، نجح سابقا في منع المجموعة من الإفلاس، وأعاد ترتيب الأوضاع الداخلية للمجموعة، وحظي بثقة كافة إخوانه، من أجل قيادة المجموعة التجارية إلى بر الأمان والاستقرار والعودة بها إلى مربع النمو والمنافسة.

وتشير مصادر عاملة أيضا وأخرى اقتصادية، إلى أن القرارات الحكومية، التي وقفت إلى جوار الإدارة الفعلية والقانونية، ممثلة برئيس مجلس إدارة المجموعة أبو بكر الشيباني، خطوة هامة، نحو لملمة شتات المجموعة وإنهاء الخلافات، وتجاوز مرحلة الخطر التي بات يهدد بانهيار راس المال الوطني في البلاد، والتي نحن أحوج ما نكون إليه في الوقت الراهن، حيث يعد القطاع الخاص عصب الاقتصاد الوطني، وركيزة أساسية في توفير فرص عمل لمئات الآلاف من اليمنيين.

ويحظى أبو بكر الشيباني بثقة مختلف الموظفين والعاملين والشركاء في المجموعة التجارية، لخبرته خلال الفترة الماضية، وتمكنه من النهوض بالمجموعة، وإنقاذها من كافة المهددات والأخطار، التي كادت أن تقض عليها، حيث عمل على تنفيذ العديد من الخطوات، نحو البناء المؤسسي، في مختلف الهياكل والأقسام الإدارية، والحوكمة، والشفافية، بالشكل الذي يضمن بقاء المجموعة التجارية متماسكة، على أرضية صلبة وبناءة.

ويرى قانونيين أن تدخل الدولة في المنعطفات الحرجة التي تمر بها الشركات التجارية، يعد مسؤولية وطنية، من أجل الحفاظ على مصالح الدولة والمجتمع، والعاملين والموظفين.

وأشاروا إلى أن الشركات التجارية أو القطاع الخاص، له دور بارز الإنتاج المحلي السنوي للدولة، وتوفير فرص العمل للعاطلين، والمساهمة في التنمية المجتمعية.

ومن هذا المنطلق، فإن أي جهود رسمية أو حكومية لحماية القطاع الخاص والقطاع التجارية، والمساهمة في الحفاظ على بقائه من أجل المنافسة والنجاح، هي تدخلات قانونية مسؤولة، كونها تراعي المصلحة للاقتصاد الوطني.

وتزداد أهمية هذا الأمر، مع ارتباط الشركات التجارية بالمجتمع، من خلال توفير فرص العمل وتشغيل الأيادي العاطلة، والمساهمة في التنمية المجتمعية، والمشاريع الخدمية.