"الأمـن القـومـي فـي زمـن المعـلومـة"(إلى من يهـمه الأمـر)

في زمن أصبحت فيه المعلومات أسرع انتشارًا وأوسع نطاقًا من أي شيء آخر، تزداد أهمية فهم علاقة الأمن القومي بالتطورات التقنية والرقمية، كون العالم -اليوم- تحول إلى مجتمع رقمي وقد أحدث نقلة نوعية في جميع مجالات الحياة المعاصرة، وبما في ذلك الأمـن القـومـي، مما يستدعي معهُ من الأجهزة الأمنية، تكثيف الجهود لمواكبة هذه المتغيرات الجديدة.

     فالتدفـق الهائل للمعلومات من مختلف المصادر؛ أدى إلى تغييرات جذرية في أساليب تهديد الأمن القومي اليوم.

     فـلم؛ تُعد التهديدات مقتصرة على العمليات العسكرية التقليدية أو الحروب النظامية فقط، بل أصبح من الضروري مراعاة التهديدات الرقمية التي تتضمن الهجمات الإلكترونية (السيبرانية)، وحروب المعلومات، وإستخدام وسائل التواصل الإجتماعي لنشر الأيديولوجيات المتطرفة أو المضللة.

     لهـذا نقول؛ إن مسؤولية رجال الأمن -اليوم- تتجاوز في حقيقة الأمر، مسألة الحفاظ على النظام العام والأمن الداخلي، إلى ضرورة التفاعل بشكل فعال مع مكونات العالم الرقمي. 

     لـذلك؛ يجب أن يكون رجال مكافحة الجريمة، على دراية كاملة بأساليب جمع وتحليل المعلومات الرقمية، وكيفية التعامل مع البيانات المجهولة، وكذلك الحفاظ على سيادة الدولة عبر أنظمة حماية معاصرة وفعالة.

     وهـذا سوف؛ يتطلب -من الأجهزة الأمنية المعنية في هذا الشأن- تطوير استراتيجيات تتضمن إستخدام التكنولوجيا المتقدمة في مجال التحليل البياني، الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الرصد الإلكتروني، لمتابعة التهديدات المتطورة.

     بالإضافـة إلى ذلك؛ يجب أن يتمتع رجال الأمن، بقدرة على تحليل وتقييم المعلومات بسرعة ودقة كببرة، بحيث يتم إتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.

     وفـي مجال الأمـن السيبراني، نحب القـول؛ بأنهُ لا يمكن التغاضي عن أهمية التعاون بين الدول في مجال الأمن السيبراني ومكافحة الجريمة الإلكترونية، ففي ظل عولمة المعلومات؛ أصبحت الهجمات الإلكترونية لا تقتصر على نطاق الدولة الواحدة فقط، بل قد تشكل تهديدات عابرة للحدود الوطنية -ومن هنا- تبرز الحاجة إلى تعزيز التعاون بين الدول في مجال تبادل المعلومات حول التهديدات الإلكترونية وتقنيات التصدي لها.

     فـالأمـن القـومـي في زمن المعلومة؛ يتطلب أن يتبنى رجال الأمن ومكافحة الجريمة المعلوماتية، أساليب مبتكرة ومتطورة لمواكبة التحديات الجديدة، وهذا يجب أن يشمل تحسين كفاءة إدارة المعلومات الرقمية في الوزارات والمؤسسات الأمنية المعنية في هذا الشأن، وتعزيز القدرات التقنية لمكافحة التهديدات الإلكترونية، وتعميق التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني.

     وعـليه نقـول؛ إن النجاح في مواجهة هذه التحديات، يعتمد بشكل كبير على إستعداد الأجهزة الأمنية في التكيف مع العصر الرقمي، وتوظيف التكنولوجيا بشكل فعال، للحفاظ على أمن الوطن واستقراره.

مع التحية إلى:

وزير العدل اليمني.

وزير الداخلية اليمني.

وزير الشؤون القانونية اليمني.

النائب العام للجمهورية اليمنية.

رئيس جهاز الأمن القومي.

رئيس جهاز الأمن السياسي.

المهتمون من رجال القانون ومكافحة الجريمة المعاصرة.

د. هـاني بن محمد القاسمي.

أستاذ مشارك في القانون الجنائي المعاصر.

مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية.

عـدن: 12. فبراير . 2025م